145

ايښودل عصر د عصر د خلکو رازونه

Izhar al-ʿAsr li-Asrar Ahl al-ʿAsr

ژانرونه

وبلغنا في ليلة العيد الأكبر، أن القاضي أمين الدين عبد الرحمن بن قاضي القضاة شمس الدين بن الديري، مات بالقدس ليلة السبت، رابع ذي الحجة هذا، وكان في هذه السنة قد كثرت الأخبار السيئة عنه إلى أن ورد في رمضان منها أناس من الفقراء، فرفعوا إلى السلطان، أن إبراهيم بن الجمال عبد الله بن جماعة، شيخ الصلاحية، تصرف في المسجد الأقصى بما لا يحل له؛ احتكر بعض الأماكن منه وزرع بها ثوما وبصلا، وغير ذلك، وهدم من بعض جدره ما بنى به في مسكنهم ببيت الخطابة مواقد طبخوا عليها أطعمة عرس عملوه إلى غير ذلك، وأنهم أمروه بالمعروف، فأهانهم، وساعده الناظر، وأن الناظر أخرب كثيرا من البلاد التي تحت نظره، وأن حاصل الخليل عليه الصلاة والسلام ليس به شيء، إلى غير ذلك من أمور إن أهملت حصل خلل كبير، فأرسل السلطان محمد النشابي، للكشف عن ذلك، فادعي على ابن جماعة عند القاضي الشافعي ابن السائح بالقدس، وأقيمت البينة ببعض ذلك، وأخبرني الشيخ الإمام القدوة زاهد زمانه بالقدس، زين الدين عبد القادر النووي؛ أنهم اتخذوا هذا المسجد الشريف كالموات، وقام مع أولئك الفقراء، الشيخ برهان الدين إبراهيم العجلوني، فأهين الجميع، ولم يكتب لهم ما أقاموا به البينة، فقدموا إلى القاهرة في ذي القعدة، واجتمعوا ببعض الأكابر، وذكروا ما وقع لهم معهم، فطلب الناظر، فمرض بالبطن مرضا عجيبا، كان تارة يكون الخارج منه كالماء، وتارة دما، وتارة على موت الديري:، غير ذلك وطلع في ابن جماعة خراج، فتحامل الناظر إلى الرملة، ثم عجز، فرد إلى القدس في محفة، فلما جاوز بيت نوبا، رأى أن ركوبه على الفرس أسهل من لبثه في المحفة، فركب وهو في غاية من المرض، وانكب على قربوس السرج، وتحامل في ألم زائد إلى أن وصل إلى القدس، فأيقن بالموت، فأمر من حوله أن يمنعوا الناس من الدخول إليه، وطلب ورقا، فكتب وصية ابتدأها بأشياء حسنة، من ذكر سيئاته وذنوبه، وافتقاره إلى الله تعالى، وطلبه منه العفو، وزاد في ذلك حتى أبكى من حوله، وهو مع ذلك ثابت غير متأسف على مفارقة مألوفه من العز والرئاسة، حسن الرجاء لربه، والظن به، مقبل على ما يليق بالقدوم على الله، وهم يمنونه الحياة، فلا يلتفت إليهم، ولا يزعزع ذلك جزمه بالموت، وذكر جميع ما عليه من الديون والحقوق، ودعا لمن يساعد في وفائها، وترقق لمن بينه وبينه شحناء بما يلين الحجارة، ثم أقبل على التلاوة والذكر والاستغفار، والاعتراف بالتقصير، والتوبة من الذنوب، مع ما يقاسي من شدائد المرض إلى أن مات في التاريخ المذكور، عن أربعين سنة وشهور، وكان فاضلا في فنون، ذكيا، شاعرا محسنا، له ذوق جيد في الأدب، وكان شجاعا كريما، حسن العشرة رحمه الله، وعفى عنه.

سجن ابن الشحنة:

مخ ۲۶۰