فَإِن الْأمة قد اجْتمعت على أَنه لَا يجب طَاعَة أحد فِي كل شَيْء إِلَّا رَسُول الله ﷺ بل غَايَة مَا يُقَال إِنَّه يسوغ أَو يَنْبَغِي أَو يجب على الْعَاميّ أَن يُقَلّد وَاحِدًا من الْأَئِمَّة من غير تعْيين زيد أَو عَمْرو وَأما أَن يَقُول قَائِل إِنَّه يجب على الْأمة تَقْلِيد فلَان دون غَيره فَهَذَا هُوَ الْمَحْذُور فَمن تعصب لوَاحِد من الْأَئِمَّة دون البَاقِينَ فَهُوَ بِمَنْزِلَة من تعصب لوَاحِد من الصَّحَابَة دون البَاقِينَ كالرافضي الَّذِي تعصب لعَلي ﵁ دون الْخُلَفَاء الثَّلَاثَة فَهَذِهِ طرق أهل الْهوى نسْأَل الله السَّلامَة والعافية وَهَذَا رفض وتشنيع لكنه تشنيع فِي بعض الطوائف وَالْعُلَمَاء لَا فِي تَفْضِيل بعض الصَّحَابَة
وَالْوَاجِب على كل مُسلم يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله أَن يكون أصل قَصده تَوْحِيد الله بِعِبَادَتِهِ وَطَاعَة رَسُوله وَيعلم أَن أفضل النَّاس بعد الرَّسُول هم الصَّحَابَة فَلَا ينتصر لشخص إنتصارا عَاما مُطلقًا إِلَّا لرَسُوله ﷺ وَلَا لطائفة انتصارا عَاما مُطلقًا إِلَّا للصحابة فَإِن الْهدى يَدُور مَعَ الرَّسُول وَمَعَ أَصْحَابه دون أَصْحَاب غَيره فَإِذا اجْمَعُوا لم يجمعوا على خطأ فان الدّين الَّذِي بعث الله بِهِ رَسُوله لَيْسَ مُسلما إِلَى عَالم وَاحِد وَأَصْحَابه وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ ذَلِك الشَّخْص نظيرا لرَسُول الله ﷺ وَهُوَ شَبيه بقول الرافضة
وأئمة الاسلام أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَغَيرهم ﵃ كل مِنْهُم ذهب إِلَى مَا ذهب إِلَيْهِ عَن اجْتِهَاد وَإِمَّا أَن يُقَال الْمُجْتَهد تَارَة يخطىء وَتارَة يُصِيب وَهَذَا هُوَ الْحق فَمَا اخْتلفُوا فِيهِ على قَوْلَيْنِ أَو أَكثر فأحدهم مُصِيب وَهُوَ صَاحب الأجرين وَمن خَالفه مخطىء وَله أجر على اجْتِهَاده وَخَطأَهُ مغْفُور وَهَذَا فِي كل مَسْأَلَة حصل فِيهَا اخْتِلَاف
1 / 80