180

وأيضا قد علمنا أن الدواعي إلى إيراد المعارضة لم تكن حبست عن المطامع ، وكانت الصنعة أيضا في نفسها أقوالا في أمثلة العرب ، ولم يكن يكمن فيها من الفساد ما يكمن الآن . وعلى استمرار الأزمان ، ومضي الأعصار ، تزداد الصنعة ضعفا ، والدواعي قلة - لما تعذر وقوعه - فلما تعذر وقوعها (¬1) فيما سلف من الزمان ، كان وقوعها فيما بعد أيسر تعذرا .

وأيضا ظاهر الخطاب هو لأهل ذلك العصر ، وإن كنا قد عرفنا بدليل سوى الظاهر أن المراد به إلى آخر الدهر ، وإذا لم تقع المعارضة من أهل ذلك العصر ، وجب كون الخبر صدقا .

ومن ذلك قوله عز وجل: { قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين (94) ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم } [البقرة] ، وقال أيضا في السورة التي يذكر فيها الجمعة: { قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين (6) ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم } [الجمعة] ، فأخبر أنهم لا يتمنون الموت أبدا .

مخ ۲۳۴