والثالث: في السورة التي يذكر فيها هودا صلى الله عليه ، وهو قوله عزوجل: { أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (13) فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون (14) } [هود] ، فكان قوله عزوجل: { قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات } تحديا ظاهرا ، وتقريعا بالغا ، أنه عزوجل فسح لهم في المعارضة ، وإن كانت الأقاصيص التي يوردونها قد اقتربت (¬1) ، لأنهم كانوا يحتجون عليه صلى الله عليه [وآله وسلم] بأنه كان يعرف من أخبار الأمم وأيامها وأقاصيصها ما لا يعرفون ، فأدحض الله تعالى حجتهم ، وكذب قولهم . وفضحهم بقوله: { فأتوا بعشر سور مثله مفتريات } ، ودل ذلك على أن الاعجاز تعلق بنظمه . وإن كان أيضا متعلقا بمعانيه .
وقوله: { وادعوا من استطعتم من دون الله } تحد ثان . لأنه إخبار عن أن أحدا من دون الله لايأتي بمثله .
قال: { فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله } ، وكان هذا تحديا ثالثا ، لأن جعل حجته في أنه أنزل بعلم الله: تركهم الإستجابة إلى الاتيان بعشر (¬1) سور مثله . فهل يكون في التحدي أبلغ من هذا ؟!
وقوله عز وجل: { فهل أنتم مسلمون (14) } ، أيضا يتضمن معنى التحدي ، لأنه دعاهم إلى الاسلام لظهور عجزهم .
مخ ۶۸