============================================================
كتاب اثبات النبومات سوف تراني اي تقدر ان تدرك رسالتي بغير واسطة : { فلمتا تجلى ربه لجبل جعله دكتا وخر مومى صعقا* عما تصور مكان رفع الواسطة في قلبه ، فلمتا افاق مما نزل به من نظره بالخيال الفاسد ، قدس الله ونزهه وتاب اليه وتيقن ان رفع الواسطة بينه وبين مرسله غير ممكن .
ولو رفعت الوسائط بين الخالق وبين المخلوق لما ظهرت هذه الاشخاص العجيبة التي فيها من هو افضل باعتدال تركيبه ، واتفاق مزاجه بالعالم العلوي الروحاني : كذلك نقول : لو رفعت عبادة الله سبحانه بغير واسطتهم ممتنعا ، ولهذا المعنى اضاف طاعة الرسل الى طاعته ، وعد طاعتهم كطاعته ، فقال : من يطع الرسول فقد أطاع الله: فإن قال قائل لا يخلو من ان يكون الرسل صلوات الله عليهم ، دعونا الى ما هو متعارف في العقول ، فلا حاجة بنا اليه . والى ما تنفر عنه العقول ، فليس علينا قبوله منهم . قلنا لهم : كلا ، ان تكون دعوتهم الى ما تنفر عنه العقول من جميع الوجوه، وان كان البعض منه ما ينفر العقول عنه في وجه الظاهر ، فان له وجها علميا تسكن اليه ، ولا تنفر عنه ، والحكمة أوجبت ذلك ، لان امضاء الافعال المالوفة المتعارفة(1 في عقولهم لذيذة شهية لا يظهر من امضائها تعبد حقيقي ، وامضاء الافعال الشاذة الصعبة التي تنفر عنها العقول كريهة يظهر من امضائها حقيقة التعبد ، ويلزم بعد قضائها طلب ما تحتها من الحقائق المستورة الي تودي من انفسها صلاح العالمين ، فلو ترك الناس وما يهوونه ويتعارفون بعقولهم لكانوا يختارون من الشرائع المألوفة المعتادة المتعارفة في عقولهم فلا يكون من امضائها تعبد حقيقي : ولا يلزم لما تحتها حقائق مطلوبة ، اذ كل انسان انما يميل الى الأخف الأسهل .
وينفر من الاثقل الأعسر . فمن هذه الجهة وجب ان يكون بين العباد ، وبين الله عالى رسول يأمرهم وينهاهم بما فيه صلاح معيشتهم ، ومن الواضح البين ان من لم يتهيأ له سلوك الطريق الاسهل(2 لم يمكنه سلوك الأوعر منه ، ثم لم نر الناس محتاجين الا الى سياسة الرسل ، لاستقامة معائشهم ورفع ضرر بعضهم عن بعض في هذه الدنيا التي قد امتلات حواسهم عما يصلح لهم في هذا الدار ، وهو الطريق الأسهل .
فعرفة عبادة الله ، هو الطريق الأوعر بغير واسطة الرسل وأمحل واشد بطلانا اذ (1) في نسحة س وردت التعارف.
(2) في نستة س وردت المسهل.
مخ ۸۴