فإن قيل لم يكن هناك بيت فما معنى أمرهما بتطهيره؟
فعن هذا السؤال جوابان: أحدهما: أنه كانت هناك أصنام فأمر بإخراجها؛ قاله عكرمة.
والثانى: قال السدى: ابنياه مطهرا.
قوله: للطائفين: يعنى الزائرين حوله. والعاكفين: يعنى المقيمين به المجاورين له؛ يقال: عكف يعكف عكوفا، إذا أقام، ومنه الاعتكاف. والركع السجود :
جمع راكع، والسجود جمع ساجد وهم المصلون، وقيل: الطائفين الغرباء الواردين إلى مكة. والعاكفين : يعنى أهل مكة المقيمين بها، وقيل: إن الطواف للغرباء أفضل، والصلاة لأهل مكة أفضل (1).
وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم (عليه السلام): رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر (2) قوله: هذا إشارة إلى مكة، وقيل: إلى الحرم. بلدا آمنا : أى ذا أمن يأمن فيه أهله. وارزق أهله من الثمرات : عن سائب بن يسار، قال: سمعت بعض أولاد نافع بن جبير وغيره يذكرون أنهم سمعوا أنه لما دعا إبراهيم (عليه السلام) لأهل مكة أن يرزقوا من الثمرات، نقل الله تعالى بقعة الطائف من الشام فوضعها هنالك رزقا للحرم.
وعن محمد بن المنكدر، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «لما وضع الله تعالى الحرم نقل الطائف من الشام إليه».
وقال زهير نحوه.
وإنما دعا إبراهيم لهم بالأمن؛ لأنه بلد ليس فيه زرع ولا ثمر؛ فإذا لم يكن أمنا لم يجلب إليه شىء من النواحى فيتعذر المقام بها، فأجاب الله تعالى دعاء إبراهيم (عليه السلام) وجعله بلدا آمنا؛ فما قصده جبار إلا قصمه الله كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم من الجبابرة.
فإن قيل: فقد غزا مكة الحجاج وأخرب الكعبة؟ فالجواب عنه: أنه لم يكن
مخ ۴۶