فقدمنا منازلنا/ من بلاد بنى سعد بن بكر- وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها- ولا نتعرف من الله إلا البركة، فقدمنا على عشرة أعنز ما يرمن (1) البيت هزالا، فإن كنا لنريح الإبل وإنها لحفل فنحلب ونشرب، ونحلب شارفنا غبوقا وصباحا، وإنى أنظر إلى الشارف قد نضيت فى سنامها، وأنظر إلى عجز الأتان فكان فيها الأمهار (2)، وإن كان عجزها لدابرا مما ينخسها. وكان راعينا ينصرف بأغنامنا شباعا لبنا حفلا، وتأتى أغنام قومنا جياعا هالكة ما إن تبض بقطرة؛ فنحلب ونشرب ما شئنا من اللبن، وما من الحاضر إنسان يحلب قطرة لبن ولا يجدها فى ضرع، حتى كان الحاضر من قومنا يقول لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعى ابنة أبى ذؤيب- ويقال: ابلغوا حيث تبلغ غنم حليمة- فيسرحون فى الشعب الذى يسرح فيه. فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن كما كانت تأتى قبل ذلك، وتروح غنمى شباعا لبنا حفلا بطانا. قالت حليمة: ولم نزل نتعرف من الله الزيادة فى الخير.
قال بعض من كان يرعى غنم حليمة: إنهم كانوا يرون غنم حليمة ما ترفع برءوسها، ويرى الخضر فى أفواهها وأبعارها، وما تزيد غنمهم على أن تربض ما تجد عودا تأكله؛ فتروح الغنم أهون منها حين غدت، وتروح غنم حليمة يخاف عليها الحبط (3).
مخ ۶۲