75

استقامه

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

ژانرونه

-81- باطل لا يجوز في حكم الحق ولا في أحكام حجج العقول ، وهذا أيضا من تأويل الضلال الذي يتأولونه على ضعفاء المسلمين ، نعوذ بالله من الفتنة ومن الضلال ، يكون حجة عليه قول الفقيه العالم من المسلمين ، فيما يكون فيه سالما عند الله ، بجهل ما يسعه جهله من دين الله ، حتى تقوم عليه الحجة ، فإذا قامت عليه الحجة كان عليه أن يصدق الحجة ، وخرج من باب السعة إلى الضيق ، فإن يصدق الحجة وقبل الحق فقد خرج من الضيق إلى السعة بقبول الحجة ، وإن شك في الحجة بعد أن تقوم عليه هلك ودخل في الضيق ، فكيف يقوم في العقول أو في دين الله - تبارك وتعالى - أن يلزمه ، أن يطلب لنفسه مما يخاف على نفسه به الهلكة ، مع الوصول إليه إذا لم يقم به ، وقد كان له السعة في دين الله ما لم يصل إليه ، والله - تبارك وتعالى - قال : (وما جعل عليكم في الدين من حرج)(1) . وقال -تعالى - : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)(2).

فصل : ومثل من يلزم الناس الخروج في طلب ما يسعهم جهله ، ويكلفهم ذلك ، من المتعبدين البالغين الأصحاء العقول ، بمنزلة من كلف الناس الخروج إلى الحج إلى بيت الله الحرام من غير استطاعة ، وقال لهم : إن الله - تعالى - أوجب على الناس حج بيت الله الحرام ، وعليكم أن تخرجوا إلى حج بيت الله الحرام ، ولم يذكر لهم الاستطاعة ، وإنما فرض الله حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، كذلك ألزم الله - تبارك وتعالى - العباد علم ما لزمهم علمه من دينه ، الذي قد ألزمهم تأديته إليه ، ولا يجوز في العقول غير هذا ، ولولا ذلك كذلك لم تجز ولاية أحد بحال ولا وجب له اسم الإيمان حتى يعلم أنه قد علم جميع دين الله ، من أحكام الكتاب والسنة والإجماع ، وهذا هو الصحيح من المحال ، ومن قال هذا فقد قال بالزور والضلال بل الإجماع من أهل العلم من المسلمين أنه ينفس الإقرار بالجملة من التوحيد مسلم مؤمن مستحق لولاية الله ، ما لم يأت منه ما ينقض ذلك بشك ، فيما لا يسعه الشك فيه ، أو بارتكاب ما لا يسعه ارتكابه من قول أو عمل أو نية ، أو بتضييع

-82-

__________

(1) - 78 من سورة الحج .

(2) - 286 من سورة البقرة.

مخ ۸۲