-53- -66- قلنا : لقد زعمت أن المبدي لعورته ليس للغير أن ينتهك منها ما حجره الله عليه من التجسس لها والنظر إليها ، بالقصد منه إليها .
فان قال : إنما يريد بذلك أن يؤدي فريضة البراءة من المحدث ، وإنما يريد القصد إلى الفريضة .
قلنا له : لم يبلغ به ذلك بعد إلى فريضة ، وليس له أن يقصد إلى محجور في الأمور ، ليبلغ بذلك إلى فرض يصل إليه ، فيضيع فرضا بوصوله إلى فرض ، وهو بتضييع الفرض كافر ، فان تاب من ذلك التضييع والدخول في المحجور ، فالتائب كمن لا ذنب له ، وبؤدي الفرض الذي وصل إليه بما ارتكب من المحجور .
وقد أجمعنا بانه ليس عورة باشد من عورة الكفر ، ولا عيب أشد منه ، وعلى ذلك أجمع المسلمون ، فكما لا يجوز التجسس لعورات المسلمين ، كذلك لا يجوز التجسس لعورات الظالمين .
ويقال له : أرأيت عورات المسلمين والكافرين ، وما الفرق فيها إلا بما قد صح منها ، فاذا صح فقد قامت الحجة ، وقد أبيح ذلك بالعلم ، ولم يكن هنالك تجسس وزال التجسس ووقع الحكم بالعلم ، ولا نعلم فرقا بين عورات المسلمين ، وبين عورات من لا يعلم منه إيمان ولا كفر وعورات من علم كفره ، فيتجسس منه عورة حجرها الله ، فان ادعى مدع فرقا فليات به ، ولن يقدر على ذلك إن شاء الله الا بالمكابرة وليست المكابرة من أمور الدين في شيء ولا من أمر المحتجين ، وإنما الحجة باقامة الحجة من الكتاب والسنة والآثار المجمع عليها أو الرأي الصحيح أو حجة العقل ، وقد أقمنا الحجة أن التجسس محجور عن الجميع ، فكما كان العذر مقبولا من الجميع ، وكما أن العثرة مقالة للجميع ، وكما أن التوية مقبولة من الجميع ، وكما أن الحق في الجميع بالسواء ، إلا ما خصه لوجه حجة ، وقد خص بالغيبة المسلمين ،
مخ ۱۵۴