-42- ما أقبلت القلوب إلى ذلك ، ولا اطمأنت النفوس إلى ذلك منه ، وحتى لا يقدر عدوه في الدين ولا في غير الدين أن ينكر منزلته ولا مكانه ، وتنطق الألسنة باسمه في المصر ، وكفاه بهذا حجة قاهرة وبينة شاهرة .
وشهرة العالم في البلد أو المصر أو المحلة من البلد بمنزلة شهرة الحجام والمتطبب والنساج والحداد ، والصانع من الصناع ، قد قامت الحجة في العقول من الصغير والكبر والخاصة والعامة ، أن لكل من هؤلاء منزلة ، واليه للناس حاجة ليست إلى الآخر ، ولا يوجد مع الآخر كذلك شهرة التجار في البلد من يكون منهم معروفا بالبر ومن يكون منهم معروفا بالعطر ، ومنهم من يكون معروفا بالصندل ، ومن يكون متهم معروفا بالادام ويبيع سائر الطعام ، لا تنكر العقول ذلك ، وقد يشهر التاجر في المصر كله لكثرة ما معه من المال والجهازات ، وجملة القول أنه موجود عنده كل ما أراد الناس من التجارات من النيروز والعطور وغيرها من الأشياء .
فصل : وربما ظهر له الاسم وشهر في المصر كله ، في فن من فنون التجارة دون الفن الآخر من فنون التجارة ، وكان شاهرا ذكره مع جميع أهل المصر في ذلك الفن من فنون التجارة فلا ينكره أحد من أهل المصر أنه بتلك المنزلة ، إلا من يبلغ إليه علمه وقل ذلك .
ولعله يشهر مع الصغير والكبير حتى تقوم في العقول صحة ذلك ، ولا يرونه ولا يصلون إليه ولا يشترون من عنده شيئا ، وربما شهر اسم التاجر في فنون التجارات في قطر من المصر وطرف منه ، ولم يشهر في المصر كله ، مثل الشرق والغرب والسر والجوف من عمان ، وقد يشهر للتاجر اسمه في الجوف بأجمعه ، ولا يشهر في الغرب ولا في الشرق ولا في السر ، وكذلك قد يشهر للتاجر اسمه في التجارة جميعها ، وأنه موجود عنده كل ما احتاج الناس إليه ، إلا ما شاء الله ، ولا يكاد أن يعدم من عنده إلا نوادر تقدم من أقطار عمان كلها ، إلا من قصبة صحار ، إذا كانت هي الفرضة لفنون التجارة بعمان ، من سائر التجارات غير الأطعمة المعروفة بغير الفرضة.
-54- باب
مخ ۵۴