فصل : وإنما دعانا إلى هذا الذي قصدناه ، و اجتهدنا فيه وبيناه ، كثرة ما يظهر من المعارضات من أهل هذا الزمان ، لضعفاء المسلمين من هؤلاء العماة المتكلفين ، وإذ لم يرضوا بالذي هم عليه من التيه في أمورهم والتعسف والاغتشام لعامة أمورهم بالجهل والتكلف ، حتى يعارضوا الضعفاء من المسلمين المتمسكن ، المتبعين لسبيل من مضى من المهتدين ، فيأتوهم بالتماويه والملبسات ، والمخصوصات من الآثار والمتشابهات ، ثم يطلبون منهم على ذلك بزعمهم الجدل والمناظرات ، ابتغاء الفتنة لهم والزلات ، واغتنام الهفوات والعثرات ، والحرص على إظهار العيوب والعورات ، فإن جاء الضعيف من المتمسكين على ذلك بحق حرفوه وعللوه ، وإن توجهت له حجة حق دفعوه عن ذلك واستنزلوه ، وإن لم تحضره حجة على ما قد تمسك به من الصواب ، اغتنموا منه ذلك وادعوا عليه وجهلوه ، وإن زل معهم فيما قد كلفوه من المناظر بزلة لم يردوه عنها ولم ينصروه وفارقوه على ذلك وضللوه ، وإن سألهم عما قد عمي عليه من ذلك الأمر الذي اضطروه إليه وكان معهم فيه علم كتموه ، وإن أشرفوا منه على بصيرة لذلك لبسوا عليه من الأمر في ذلك وعموه ، فيظهرون أنهم يأمرون بالمعروف وهم عنه ناهون ، وأنهم ينهون عن المنكر وهم به آمرون وله آتون ، ويزعمون أنهم دعاة إلى دين الله وهم عنه ينأون ويدفعون ، وإن يهلكون بذلك إلا أنفسهم وما يشعرون ، في قلوبهم مرض وشك مما دخلوا فيه و التزموه ، فهم في ريبهم يترددون وفي حيرتهم وشكوكهم يعمهون ، ودوا لو عمي المسلمون المبصرون من المتمسكين كما عموا ، وقدموا من مشكلات الأمور على مثل الذي عليه قدموا ، ودخلوا معهم في مشبهات الأمور التي دخلوا فيها وأقحموا ، فكانوا معهم في جميع ذلك بالسواء ، واشتركوا جميعا في الضلالة و الغواء ، حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق والهدى ، فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ، ويعز الله دينه بتأييده ونصره ،ولا تتخذوا من أهل هذه الصفة في الدين وليا
مخ ۶۸