-61- المحتاج إليه فيها ، المطلوبة من عنده ، المعارض بها من أعدائه ، المحتاج إليه فيها من أصحابه و أوليائه ، فإذا تظاهر للعالم في زمانه ومع أهل زمانه هذه الصفة ، وهذه المعرفة مع الأمانة ، وحسن الثناء في علمه ، وزالت في ظاهر الأمر تهمته وخيانته ، أنه لا يحرف العلم عن موضعه ، ولا يتكلف فيه ما لا يخرج على أصوله من رأيه وقوله ، فهو حجة على من جهل الحق من أمور الدين في زمانه ، ومع أهل زمانه ، ولو اختلفت الأحوال من العلماء ، كما اختلفت الأحوال من العدول والثقاة ، وكلهم حجة على المشهود عليه ، وعلى الحاكم أن يقبل شهادتهم إذا نزلوا بمنزلة العدالة والثقة ، ولو كان غيرهم أفضل منهم ، وأعدل منهم وأدين منهم ، فكما لا يجوز شهادة محمد بن محبوب أو موسى بن علي - رحمهما الله - في الأحكام إلا عن واحد ، ولو كان على قيمة قيراط لمسلم على يهودي ، ولا يكون حجة حتى يكون معه غيره ، وإذا كان معه غيره ممن نزل بمنزلة العدالة والثقة ، ولو كان دونه في المنزلة في العلم والفضل ، ودونه بالضعف أضافا مضاعفة ، فإنهما حينئذ يكونان حجة في الشهادة ، ولو كان محمد بن محبوب -رحمه الله - يشهد لمسلم على يهودي بقيراط ، ورجلان ثقتان دونه في الثقة ، والعدالة ممن يؤتمن على الأمانة ، ولا يعلم أنه مصر على شيء من الخيانة فيما يدين بتحريمه ، يشهد أن على ذلك المسلم لذلك اليهودي عشرة آلاف درهم ، ما-جاز أن يقبل قول محمد بن محبوب وحده ولوجب أن يقبل قول هذين الثقتين على ما شهدا عليه ، إذا كانا حجة في الإسلام فيما شهدا عليه ، ولو كانت الحجة إذا تفاضلت في الشيء سقط في الحجة من كان دون الأفضل ، لما جازت شهادة المهاجرين والأنصار بأجمع ، لأنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل منهم ، وكذلك لا يكونون حجة في الدين ولا حجة في العلم في أيام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا من المحال ، ولكن الحجج تتفاضل وتفوق بعضها على بعض ، وهي حجة بحالها وتقوم كل حجة بحالها ، ولو كان بعض الحجة أعلى من بعض ، وبعضها أفضل من بعض ي الشهرة ، ولا تزول حجج الله -تبارك وتعالى - لتفاضلها ، ولكن تقوم كل
-62- حجة في موضعها على من علمها أو جهلها .
مخ ۶۲