-8- شيء من علم ما لا يسعه جهله ، ولم يلزمه تأدية شيء من طاعة الله ، مما تقوم به الحجة إلا بالعبارات والسماع ، ولا ركب لله محرما قط ، بعد قيام الحجة عليه بمعرفته من السماع ، إذا كان لا يطيق علم ذلك ، ولا يقدر عليه ، ولا يقدر على التماس ذلك بطاقته ، إذا أتى من جميع ذلك الميثاق والعهد ، بما تحتمله طاقته ، ولم يضيع شيئا تحتمل طاقته ألا يضيعه ولم يركب شيئا تحتمل طاقته الانتهاء عنه ، وتقوم عليه الحجة بذلك ، بما لا تحتمله طاقته ألا يركبه ، وهذا مما يطول فيه الكلام ، وقد مضى في هذا الكتاب من تفسير هذا ، ما أرجو أنه يأتي على ما فيه الكفاية ، وبعضه مفسر وكل شيء مذكور في موضعه .
فصل
ولا يجوز أن يكون في دين الله - تبارك وتعالى - ، أن يكون على العباد الميثاق والعهد ، بجميع ما لزم في دينه ، محلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، أن لا يخالفوه ولا ينقضوه ، وهو عليهم ثابت كما ثبتا في شريعة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأنه قد قامت عليهم بذلك الحجة ، ولا يعذرون بمخالفته ، ولا يكون لهم الحجة بما هو حجة لهم في دين الله - تبارك وتعالى - على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم شريعة دينه ، فان ادعى هذا مدع ، فقد ادعى غير الحق ، ولا تجوز له دعواه هذه في حكم الكتاب ، ولا حكم السنة ، ولا الإجماع ، ولا حجة العقل ، وكل ما كان في دين الله حجة ، فهو لجميع عباده حجة ، ما لم ينقض أحد منهم الميثاق الذي ثبت به الحجة ، وكل ما كان في دين الله حجة على عباده ، في شريعة دين الله ، ودين نبيه ، وبما أخذ عليهم به الميثاق ، فهو حجه على جميع عباده ، ولا يجوز لهم مخالفة دلك ولا نقضه ، وكلما نقضوه أو خالفوه ، ازدادت حجج الله عليهم بالسخط منه والغضب ، لإثبات الوعيد عليهم في أحكام دينه ، في الدنيا والآخرة ، جهلوا ذلك أو علموه ، وكذلك لهم الحجة في جميع ما كان في دين الله حجة ، في شريعة دين الله ، ودين نبيه ، علموا الحجة أو جهلوها ، فهي حجة لهم حتى يحالفوا ذلك ، بنقض ذلك العهد والميثاق ، الذي ثبت لهم في دين الله ، على لسان نبيه .
مخ ۹