-39- يكن هكذا فقد ثبتت الولاية لمن عرف منه العمل بالخيرات ، ولم يعرف منه شيء من الخيانات ، ولا جرى عليه في ذلك شيء من الاتهامات ، بعد المعرفة له من أهل الخبرة له بذلك منه .
فصل : وقد قيل أيضا : إنه إذا صح له أنه من طبقة أهل العدل ، أو من دار أهل العدل ولم يظهر منه باسمه وعينه شيء من الخيانات ،ولا اتهم بشيء من الاتهامات ، فهو في الولاية ، لأنه في دار الخير وأهل الخبرة ، ولا تستوي دار أهل العدل ودار أهل الجور ، فمن لم يعرف منه شر في دار الخير فهو من أهل الخير حتى يعلم منه شر ، لأن الإسلام يعلو ولا يعلى ، ولأن أحكامه داخلة في بعضها بعض . كما أن أهل الأمصار في حكم الظاهر أهل إقرار وأهل قبلة ، ويجوز منهم وفيهم المناكحة والموارثة وأكل الذبائح ، وسائر حقوق أهل القبلة حتى يعلم منهم غير ذلك من الإنكار .
كذلك دار أهل العدل تجوز منهم الولاية لأنهم أهل عدل ، وشامل لهم العدل فيهم ، كما كانت أهل الأمصار كلها من أمصار أهل الإقرار واجب فيهم ذلك ،وحرام منهم السبي والغنيمة في الذرية والأموال ، وواجب الصلاة على جنائزهم ، ودفنهم قي مقابر أهل القبلة حتى نعلم أنهم من أهل الإنكار ، ولو لم يعرف أهو من أهل الإنكار أو من أهل الإقرار ، وكذلك الولاية بوجوب الاسم لأهل الدار ، والأحكام كلها بعضها من بعض ، وهذا قول لا يخرج من قول أهل الحق ، وهو جائز على قول من يقول إنه إذا عرف من أحد الإقرار بالعدل ، وقول أهل الاستقامة لم ينتظر به الأعمال ، وكان إقراره بذلك موجبا له الولاية ، كذلك كانت الدار موجبة له وجوب المحنة بالقول ، ولا تلزمه محنة الأعمال إذا وجبت له الموافقة بالقول ، والدار من دور أهل العدل مزيلة عن أهلها المحنة بالقول ، لا نعلم في ذلك اختلافا ، إذا صحت لهم أحكام الدار بأنها دار عدل ، وكل هذه الأقوال التي وصفناها في أحكام الدور وفي أحكام أهل الدور قي الولاية والبراءة ، خارج معنا على مذاهب أهل الاستقامة من المسلمين على أصولهم ، على ما يصح من تفسير أهل العدل ، وحكم خاص
-40- ذلك وعامه على ما يوجبه الحق إن شاء الله تعالى .
مخ ۴۰