-199- ضروبا منه ، ما هو في أوقات معروفة ، يجوز له العمل فيها ، ولا ينفع العمل بها إلا فيها ، فإذا جاء ذلك الوقت ، لم يجز تأخير ذلك عن ذلك الوقت منها ، وكان على العبد العمل بذلك المخاطب به ، والعلم لذلك للعمل به ، وإنما أريد منه نفس العمل ، لا نفس العلم ، ولا يخاطب بالعلم ، فيكون بنفس الجهل للعلم هالكا ، وإنما خوطب بالعمل في ذلك الوقت ، وكان ذلك العمل لا يصل إليه العبد إلا بعلم غيره ، ولو كان العلم دلالة على غيره ، فلزم العمل ولزم العلم ، لوجوب العمل ، فكان العلم في ذلك لا يقع إلا بتعليم ، لأنه دلالة على غيره من أعمال الأبدان والأموال ، وكل عمل وقع على الأبدان وفي الأموال ، فإنما يبلغ إلى علم ذلك بالسماع والعبارة ، وغير مخاطب العبد فيه بالعلم ، إلا لمعنى العمل اللازم في ذلك الوقت ، في الأموال والأبدان ، فاذا أدى العبد ما خوطب به من العمل ، على ما أوجب الله عليه من العمل ، و لم يضيع من ذلك شيئا من العمل ، فغير مسؤول العلم بذلك ، كما أنه مسؤول عن نفس العلم الذي تعبد به لمعنى العلم ، لا لغيره من الأعمال ، وإنما أوجب العلم في ذلك للعمل لا لغير ذلك ، فاذا حصل العمل ، فغير ثابت علم ما قد حصل من العمل ، غير أنه لا يكون العمل بذلك أبدا إلا بعلم ، والعلم في ذلك حصول العلم من أي وجه حصل ذلك العلم ، وأول العلم يقع بخاطر القلب ، ومعنى الحسن من القبيح ، على معنى علم الالهام من الله - تبارك وتعالى - ، فاذا بلغ العبد إلى علم ذلك من علم الالهام من الله ، لمعرفة ذلك العمل وعلمه بأي وجه وصل إليه ، من العلم بخاطر قلبه أو رأي عينه ، لأثر مرسوم أو سماع أذنه من كلام مفهوم ، أو تأسى بغيره من العالمين ، فكل ذلك علم وحجة إذا بلغ إليه العبد ، وأدى ذلك اللازم به ، فقد بلغ إلى علم ما أريد منه وصح له العمل ، ومحال أن يكون العمل من أهل العقل إلا بعلم ، ولكن العلم على حد ما ذكرنا من خاطر أو سماع أو تأس بغيره ،
أو أثر يطأه أو رأي يراه ، ويحسن في عقله ، فكل ذلك علم ثابت وحجة واجبة ، ومحال أن يقال أن يعمل عامل عملا بعد
مخ ۲۰۰