188

استقامه

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

ژانرونه

ففسر ذلك أهل العلم أنه العالم من المسلمين من أهل الاستقامة ، فيما يسع جهله وفيما لا يسع جهله ، من عبارة الذين هم حجة على من قام عليه وقد قال - تعالى - : (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة )(1).

فقال أهل العلم : إنه العالم المحق فالبينة من ربه ما هو عليه من الحق ، ويتلوه شاهد منه لسانه ، فلسان العالم هو الشاهد على علمه له ، وهو الحجة له على من قام عليه بالحق جهله من قام عليه أو علمه ، فالحجة للعالم على العامة بما جعله الله حجة في دينه على عباده ، وليس لأحد أن يجهل حجة الله عليه إلى غيرها ، ولا يعدوها إلى حجة سواها ، فإن كان الواحد حجة فيما يسع جهله فهو الحجة ، وان لم يكن الواحد حجة فالاثنان كذلك ، والأربعة كذلك والجماعة كذلك إلى ما لا يحصى ، لأن الاثنين يقومان مقام الواحد في عبارة الدين ، لأنهما لو اختلفا لم يكونا في اختلافهما سالمين من الهلكة ، ولم يكن بد لواحد منهما أن يكون هالكا في الدين كاذبا ، في حكم الدين على رب العالمين في عقول السامعين لهما من العالمين والجاهلين ، فلا يجوز أن يكون الحق في الدين إلا مع واحد من المعبرين ، وأن المخالف له مخالف في أصل الدين ، فلا يجوز أن يطلب معه غيره ، فيما يقوم في العقول أنه لا بد من أحد أمرين :

إما أن يقول مثل ما قال ، فلا زيادة في ذلك ولا نقصان .

وإما أن يقول غير ما قال ، فيكون مخالفا له في الدين في عقول العالمين ، لأن الدين أبدا لا يكون إلا مع واحد من المختلفين ، ولا يحتمل في العقول ،

-197-

__________

(1) - جزء الآية (7ا ) من سورة هود .

مخ ۱۹۷