185

استقامه

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

ژانرونه

-193- فان قال : النبي صلى الله عليه وسلم أعظم قدرا من الجميع ومن فلان وفلان .

قيل له : فكيف خص لفلان وفلان أنه لا حجة دونهما تقوم على العبد ولا له ، وهذا أصل باطل لا يتكلم به أحد ممن يعقل ، ولا ينساغ في عقول المجانين ، إلا أن يكون ذلك من وساوس الشيطان ، ولن يكون ذلك من الشيطان أيضا من المجانين ، وإن شاء الله أنه لا يرجو أن يتبع المجانين أحد على بدعة ، وهذه من أعظم البدع وأشنع الشنع ، وإذا كان الأصل باطلا والأساس فاسدا ، فمن حيث جئت بالحق فأفسدت الباطل ، ومن حيث جئت بالصالح أبطلت الفاسد ، والحمد لله على هداية دينه .

ويقال لهم إن أنكروا هذا أو شيئا منه ، ولم يقروا بذلك ويرجعوا إلى الصواب ، أو يلزموا الناس الخروج إلى فلان وفلان في السؤال والبحث عن جميع دين الله - تبارك وتعالى- ، أو في السؤال عن جميع العلم الذي هو من دين الله -تبارك وتعالى - ، وإنما يلزمهم الخروج في السؤال عما يلزمهم عمله ، بما قد لزمهم العمل به ، فجهلوه وضيعوه ، من الفرائض اللوازم ، أو جهلوه وركبوه مما لا يجوز ركويه لهم من المحارم .

فإن قالوا : عليهم أن يخرجوا في السؤال عن جميع دين الله ، وعن جميع العلم الذي هو من دين الله ، كائنا ذلك العلم ما كان ، ولا يسعهم إلا أن يعلموا جميع دين الله ، أتوا بما يشهد على تكذيبهم فيه العقول ، والكتاب والسنة والإجماع ، ولا يقربون إلى ذلك مع أحد من الخليقة ، لأنه لا يمكن أن يلزم الجميع ما يلزم الواحد ، ولو كان الناس لا يسلمون إلا بعلم دين الله كله ، ما سلم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ، وجميع المهاجرين والأنصار ، حتى يعلموا من الدين كعلم النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم متعبدون من دين الله بمثل ما تعبد به من العلم الذي يخصهم علمه ، ولكان النبي صلى الله عليه وسلم يهلك أيضا من حين ما بلغ الحلم ، حتى يعلم في حين ذلك جميع دين الله الذي تعبده به وأمره به ، من جميع ما أمره به ونهاه عنه في كتابه ، قبل أن يعلمه ذلك وبوحيه

مخ ۱۹۴