-168- سمعتم معاشر المسلمين باعجب من هذا العجب ، وأقبح من هذا الزور وهذا الكذب ، وأشد وحشة من هذا العطب .
ويقال لهؤلاء الملبسة ، ولمن قال بقولهم : إن كان كما تزعمون أنكم تأمرون بالخروج إلى فلان وفلان ، حتى يشهدوا معه وعليه بما تقوم به الحجة وينقطع به عذره ، وألزمتموه ذلك في ضلالتكم بغير لزوم بالإجماع ، فقد كان الواجب عليكم في هذه البدعة وهذه الضلالة إن كنتم صادقين فيها ، وبصراء باحكام بدعتكم هذه أن تلزموا الخروج الشهود إلى الحاكم إلى موضعه ، حتى يشهدوا عنده ويخرجوا إلى الخصم حتى تقيموا عليه الحجة بشهادتهم ، لأن ذلك هو اللازم في الأحكام أن الشهود يحملون في عامة الأحكام إلى الحكام في القرى من القاضي والإمام .
وليس على الخصم الذي يشهدوا عليه أن يخرج حتى يسمع البينة على نفسه ، ويحكم عليه وينقطع عذره ، لا نعلم بهذا في وجه من الوجوه ، ولكنه يخير ان شاء خرج لسماع البينة عليه أو وكل في ذلك ، وان شاء سمع عليه الحاكم البينة وحكم عليه ، إذا انقطع عذره بسماع البينة ، ولا نعلم أن أحدا من العلماء ألزم الخصم المحكوم عليه ولا الحاكم ، الخروج إلى الشهود . والحاكم في الأحداث من علم حكم الحدث ، ولم يعلم بصحة الحدث . والخصم من علم بالحدث ولم يعلم حكم الحدث ، والشهود في هذا من علم الحدث وصحة وقوعه ، وعلم حكم الحدث ومنزلته في الدين ، والسالم من ذلك من لم يعلم الحدث ولم يعلم حكم الحدث ، ولا نعلم في هذا اختلافا ، فقد خالفتم في بدعتكم هذه وضلالتكم أحكام الأصول فيها وفي ضلاللها .
فان قالوا : إنما على الشهود أن يخرجوا إلى القرى في تأدية الشهادة ، اذا حملوا وأنفق عليهم حتى يؤدوا الشهادة ، ولا نجد فى الأحداث خصما يشهد له أو عليه بالحق ، فيلزمه ذلك للشهود ، حتى يخرجوا ، وليس عليهم أن يخرجوا حتى يحملوا وينفق عليهم .
مخ ۱۶۹