والمصنفات من الصحابة ﵃، والتعريف بهم، وتلخيص أحوالهم ومنازلهم، وعيون أخبارهم على حروف المعجم اثنا عشر جزءا، ليس لأحد من المتقدمين على كثرة ما صنفوا في كتب الصحابة) (^٣).
وفي القرن السادس قال الحافظ أبو بكر ابن خير (ت ٥٧٥ هـ) في فهرسة مروياته: (وهو كتاب جليل مفيد، طابق اسمه معناه) (^٤).
وكانت عناية ابن عبد البر في جمع تأليفه أقوى، وحرصه على استكمال جوانب الموضوع فيه أشد، وذلك حتى بعد إتمامه والفراغ منه، يدل على ذلك وصيته لتلميذه أبي علي الغساني حيث قال له: (أمانة الله في عنقك متى عثرت على اسم من أسماء الصحابة لم أذكره إلا ألحقته في كتابي الذي في الصحابة) (^٥)، وقد وفى التلميذ بأمانة أستاذه، فذيل على الاستيعاب ما توصل إليه عن طريق الرواية، يدل على ذلك ما رواه الإمام أبو القاسم السهيلي بسنده المعروف إلى الحافظ أبي عمر ابن عبد البر، قال في رفيدة الأسلمية وتمريض سعد بن معاذ في خيمتها: (لم يذكرها أبو عمر، وزادها أبو علي الغساني في كتاب أبي عمر، حدثني بتلك الزوائد أبو بكر ابن طاهر عنه) (^٦). وتردد صدى هذه الوصية بالمغرب والمشرق، فكان ممن نقلها مؤرخ الإسلام الحافظ أبو عبد الله الذهبي في "التذكرة"حين ترجم للحافظ أبي عمر ابن عبد البر عن"الروض الأنف" (^٧).
ومما يزيد من أهمية هذا الكتاب أن الحفاظ والعلماء حملوه من عصر مؤلفه وتداولوه طبقة بعد طبقة بأسانيد متصلة موثقة، فقد حمله القاضي عياض (ت ٥٤٤ هـ) في"الغنية"مناولة من الفقيه الرواية أبي عمران موسى بن عبد الرحمن ابن أبي تليد الشاطبي (ت ٥١٧ هـ) (^٨). وأبو بكر ابن خير (ت ٥٧٥ هـ)
_________
(^٣) ابن حزم: رسالة في فضل الأندلس ٢/ ١٧٩ - ١٨٠.
(^٤) ابن خير: الفهرسة ص:٢١٤.
(^٥) السهيلي: الروض الأنف ٣/ ٢٨٣.
(^٦) السهيلي: الروض الأنف ٣/ ٢٨٣.
(^٧) الذهبي: التذكرة ٤/ ١٢٣٤.
(^٨) القاضي عياض: الغنية ص:٢٥٦ - ٢٥٧.
1 / 42