من شعائر الله
لقد بدأت خارطة الرموز تتشكل وتتكامل من يوم وقفت هاجر على الصفا والمروة ، وسعت جيئة وذهابا سبع مرات تبحث عن الماء وترقب أمن إسماعيل .
فكانت بداية التأسيس لسعي الحجيج ، وتعداد أشواط السعي بين الصفا والمروة .
وتحدث القرآن عن هذا الرمز والمنسك العبادي الخالد فوصفه بقوله :
(إن الصفا (28) والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ).( البقرة / 158 )
الطباطبائي / الميزان في تفسير القرآن ، تفسير الآية .
ولم تسلم الصفا والمروة والبيت الحرام من أرجاس الجاهلية وتدنيس الوثنية ، فقد سرى الشرك إلى النفوس ، ودب الانحراف إلى العقول ، وزيف دين إبراهيم ، وشوهت عقيدة التوحيد ، فنصبت الاوثان على الصفا والمروة كما نصبت في البيت الحرام ، فقد نصبت الجاهلية وثنا على الصفا ويدعى (أساف) ووثنا على المروة ويدعى (نائلة) ، فكان الجاهليون يسعون بين الوثنين ويمسحونهما . وحين قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قيل له : (يا رسول الله ! إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين ، وليس الطواف بهما من الشعائر ، فأنزل الله : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ... ) (29) .
برزت الصفا والمروة معلما وشعيرة من معالم وشعائر الإسلام ، شاء الله ذلك فأجرى مشيئته رمزا صامتا ، وحركة مبهمة على يد هاجر ، حتى نودي بالحج .. وحتى أفصح القرآن .
إن السعي بين الصفا والمروة هو رمز ينطوي على معنى ومغزى أوضحه الحديث المروي عن الامام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) من خلال حوار بين الامام والشبلي .
سأله (عليه السلام) قائلا :
«... يا شبلي ! طفت بالبيت ومسست الأركان وسعيت ؟
قال : نعم ...
قال (عليه السلام) : فحين سعيت نويت أنك هربت إلى الله وعرف ذلك منك علام الغيوب ؟
قال : لا ...
قال : فما طفت بالبيت ، ولا مسست الأركان ولا سعيت» (30).
مخ ۳۱