لقد درج المنهج العلماني لدراسة التاريخ على استبعاد دور الأنبياء والرسل (عليهم السلام) ، بل عد الاعتماد على أخبار الرسل أساطير لا تملك قيمة الوثيقة العلمية في الدراسة والتوثيق، لذا نراه يستعرض الحضارات الجاهلية كحضارة بابل واور وسومر ومصر والشام والجزيرة العربية ... إلخ ، ويركز عليها ويحاول إبرازها وإعطاءها موقع الريادة التاريخية متجاهلا دور الرسالات والأنبياء والرسل وصراع الخير الذي قاده الأنبياء ضد الشر والجريمة لطمس معالم الأيمان ومحو دوره الحضاري والتاريخي من وعي الإنسان .
إن دراسة مثل هذه الحضارات البائدة دراسة موضوعية، ودراسة القرآن تظهر لنا بوضوح دور الأنبياء والمرسلين في الصراع من أجل الخير والهدى ونصرة المظلومين والمستضعفين .
إن العمق التاريخي للرسالات الإلهية ودور كل نبي ورسالة على امتداد مراحل التاريخ والحضارات والصراع يجب أن يبرز واضحا جليا ، وأن يشكل العمق والامتداد الحضاري والحركي لصراع الإنسان من أجل الخير والهدى ونصرة الإنسان المستضعف ، فنرى القرآن حينما نقرأ عرضه لقصص الأنبياء وللصراع ، يعرضه واضحا جليا ... يعرضه صراعا بين تيارين : تيار الأنبياء والرسل وأتباعهم من المستضعفين والمظلومين ، وتيار الطغاة والمستكبرين والمتسلطين ، أمثال فرعون ونمرود وأبي جهل . ولقد صاغ القرآن هذه الحقيقة وأوضحها بقوله :
(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا * وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا ).( الفرقان / 30 31 )
مخ ۳