لقد خلص الاثنان نجيا عند موقع يقرب من مسجد الخيف الآن ، ومن حولهما آفاق مكة وجبال الصمت ، وعيون الوادي تشهد المنظر الغريب ..
كل شيء بدا واجما ترتسم على معالمه كلمات السؤال والاستغراب ، عدا قلب الخليل وعيني إسماعيل فقد أسلما للقدر ، وطرح إبراهيم ولده على الارض ليذبحه ، دونما توقف أو اعتراض : (فلما أسلما وتله للجبين ). ( الصافات / 103 )
وتهادت شفرة إبراهيم قلما يكتب للخلود وفاء إبراهيم ، وينقش في عيني التاريخ رؤى إسماعيل الفريدة في عالم الإنسان ، وشفة تردد آي التسبيح والثناء ، وتناجي نحر الذبيح .. سلام عليك في الخالدين ..
نفذ الابتلاء ، وأتم إبراهيم وإسماعيل فروض الطاعة ، وكشفا عن صدق السريرة ، وإخلاص القصد والعبادة ، فهبطت كلمة الرحمن عفوا ورحمة بإبراهيم وإسماعيل ، ونودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا :
(وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم ) .( الصافات / 104 107 )
فافتدى الله نبيه بكبش عظيم ، فحل رباط إسماعيل وهو يسبح بحمد الله ، ويردد آي الثناء .. وانطلق إسماعيل ، يبدأ خطى الحياة من جديد وعاد لامه ، عاد يبني الكعبة ويرفع كلمة التوحيد، ويبلغ رسالات ربه ..
(لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الألباب ) . ( يوسف / 111 )
مخ ۲۷