جال إسماعيل في افق التوحيد ، وتأمل في رؤيا أبيه فأجاب :
(يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ).( الصافات / 102 )
ادن إلى مذبح الحب والقرب والشوق والابتلاء الصعب يا إسماعيل .
سار الاثنان معا إلى حيث امرا ، وما عسى أن تصور ريشة الفنان أو يبدع الحرف والبيان ، ليصف الموقف والساعة والرؤى والمشاعر .. أب رحيم يفيض قلبه حبا وحنانا يقود ولده إلى مذبح الموت ، ويطلب إليه أن يمارس هو نفسه التنفيذ والانقياد .
هنا يا إسماعيل .. عند شعب جبل ثبير ، ننفذ المهمة ، ونطل الدم المقدس.. توقفت الخطى ووجبت الساعة، ودنت لحظات الذبح المروع .. التفت إسماعيل إلى أبيه ثم قال :(يا أبت ، اشدد رباطي حتى لا أضطرب ، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح من دمي شيء فتراه امي ، واشحذ شفرتك ، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون علي ، فإن الموت شديد) .
فقال له إبراهيم : «نعم العون أنت يا بني على أمر الله» .
لم يكن إسماعيل لينسى وفاءه لهاجر ، ولم يشأ ليروعها بدمه المقدس ، فخفق قلبه يذكر امه الحنون ، وعند لحظات الفراق تتراءى صور الأحبة وذكريات الحبيب .
مخ ۲۶