يمم إبراهيم وجهه صوب الشام، وراح يستحث الخطى وقد استودع إسماعيل وهاجر في بيت ربه وعيناهما تقفوان أثر الخليل ، حتى عجزتا عن المسير معه فعادتا تجولان في أرجاء الارض المحرمة .. استقرت هاجر وإسماعيل في ظل القدر .. نفد ما كان معهما من ماء وطعام (14)، فأحس إسماعيل بالعطش، وأحست امه ذلك منه ، اتجهت إلى ما حولها تبحث عن ماء ، فصعدت الصفا ثم هبطت الوادي ، وراحت تسعى تبحث عن ماء حتى بلغت المروة ، ثم غاب عنها إسماعيل فخافت عليه فاتجهت نحوه ، حتى بلغت الصفا ، نظرت إلى إسماعيل فاطمأنت عليه ، ثم أعادت شوطها تبحث عن الماء .. وهكذا كانت تسعى بين الصفا والمروة بحثا عن الماء حتى فعلت ذلك سبع مرات ، وفي كل مرة عينها لا تفارق موضع إسماعيل ، فلما نظرت إليه في نهاية شوطها السابع وهي تقف على المروة رأت الماء قد سال من حوله وانفجر ثدي الارض ينبوعا يروي عطش الصحراء ويسيل عينا تحكي قصة الظمأ والرواء والحياة في الوادي الجديب ، كم كان فرح هاجر وسرورها حين رأت (زمزم) تفيض بالماء من تحت قدميه وهو يدور ويناغي ينبوع الخصب والحياة وسط الجدب والجفاف العبوس .. هرعت هاجر لتجمع (15) الرمل من حول الينبوع وتحجز الماء المنساب على صعيد الارض ، وتغترف منه فتسقي وليدها الرضيع إسماعيل .
مخ ۲۲