لقد تحدث القرآن عن آدم ونوح وإدريس وصالح وهود وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وسليمان وداود وشعيب وأيوب ويونس ويحيى وزكريا وذي الكفل واليسع وإلياس وعيسى ومحمد (عليهم السلام) ، وكثيرا ما عرض لبعضهم قصة ورواية ، تشكل بحد ذاتها تجربة ومقطوعة تاريخية مليئة بالدروس والعبر ، ثم هي بعد ذلك بمجموعها وحدة تاريخية وتربوية متكاملة تستهدف بناء الإنسان وتربيته ومعالجة الثغرات ونقاط الضعف في نفسه ، فحياة كل نبي تعالج مشكلة في حياة الإنسان ، وتجربة كل واحد منهم تحل عقدة من عقد التاريخ ، فنرى قصص الأنبياء غنية بالدروس والعبر ، مليئة بالأحداث والمفاجآت ، زاخرة بالألم والانتصار والمعاناة .
إن محاولة تتبع القصص والأحداث النبوية في رحاب القرآن ونظمها ضمن وحدة قصصية وحدثية متكاملة؛ ثم دراستها دراسة تحليلية لاكتشاف العمق التاريخي والبعد الجهادي لأنبياء الله لتمدنا بفيض من الفكر والمعرفة والهداية وقيم الحياة التي صنعها أنبياء الله، رواد الحضارة ، وبناة الفصل المضيء في تاريخ الإنسان ، وصناع الخير في رحاب هذه الأرض .
ان القرآن يصور ملاحم الأنبياء التاريخية كحقيقة خارجة عن عنصر الزمن بقيمتها العملية ودورها الحضاري رغم ارتباط أحداثها ببعدي الزمان والمكان وتحيزها ضمن مرحلة متجسدة من مراحل تاريخ الإنسان .
إننا بحاجة إلى قراءة ثانية لتاريخ الإنسان لدراسته وتشخيص موقع الأنبياء ورسالات الله فيه كحقائق ووثائق علمية تساهم في رسم صورة التاريخ وتشخيص معالمه .
مخ ۲