وتحمل هاجر بالجنين ، الأمل والبشرى والوفاء ، وتمر الأيام على هاجر ، فينمو جنينها ، وينمو معه الحلم والامل ، تتنامى معه مشاعر البشر والانتظار في نفس الشيخ الخليل ، ويكبر الجنين وتظهر على هاجر علامات الحبالى ، فتخشى تحسس سيدتها الحدث الجديد ، وتخاف إثارة غيرتها ومشاعر الخيبة ومخاوف العقم في نفسها ، فتتخذ لنفسها منطقا (حزاما) تتمنطق به لتخفي أثر الجنين وتخفي معالم إسماعيل في رحاب مملكة الرحمة والحنان .
ومرت الأيام واكتمل الجنين ، وأذن الله سبحانه للوليد البشرى أن يطل على عالم الدنيا ، فيملأ صحراء الشام بنظراته وتأملاته النبوية الشفافة التي كانت تواصل رحلتها إلى أعماق الحقيقة ، وتستجلي آفاق الكون الفسيح وتقرأ في صفحاته نداء إبراهيم :
(يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) .( البقرة / 132 )
أبصر إسماعيل ضياء الشمس وعمر أبيه ست وثمانون سنة .
ولد إسماعيل في بادية الشام (8) فاحيط مولده بالآمال والآلام، آمال إبراهيم وهاجر ، وآلام سارة التي تملك الخوف قلبها ومشاعرها .
لقد أصبحت الجارية هاجر سيدة البيت ووارثة النبوة ومستودع الذرية .
ولم تكن مشاعر سارة ومخاوفها لتحتمل هذا الجو الجديد ، فراحت تقسو على إسماعيل وهاجر ، وتتعامل معهما بخشونة وجفوة .
مخ ۱۸