بدأ الخليل دعوته ، ينادي بعقيدة التوحيد ويتحدى جبروت امبراطورية نمرود وكبرياءه الذي دعاه الظلمة إلى أن يأمر شعبه بعبادته وتأليهه، فواجه الخليل الموقف الصعب ، ليرسم الطريق لطلائع الهدى وقادة الأيمان ، واجه الظلم والكفر والطغيان بالقوة والصلابة، فضرب رأس الطاغوت وأثار في النفوس روح العزم والقوة، لاستئصال
الوهن والضعف وإذكاء جذوة الأيمان وروح التصدي للطغيان والفساد . وكعادة المسيرة البشرية فإن الطلائع الحدية ، والشخصيات القوية المتماسكة قليل أمثالها في التاريخ ، فكثيرون هم اولئك الذين يحسون بالظلم ويميزون ظلام الجاهلية ، ولكنهم ضعاف جبناء يحبذون العيش وسط أسراب القطيع ..
كان الخليل قد تحدى امبراطورية عاتية وسلطانا رهيبا ، ليصنع الدرس فيرويه لنا القرآن :
(إن إبراهيم كان امة ).
(لقد كان لكم اسوة حسنة في إبراهيم والذين معه ).
فأعرض الناس تحت ضغط الخوف والارهاب والجهل وسطوة نمرود، عن دعوة إبراهيم إلا قليل منهم ، وما أعرض عنها إلا من سفه نفسه ، فخف نفر ممن شرح الله صدورهم للايمان وآتاهم البصيرة النيرة والحس الروحي الشفاف لاستقبال الدعوة ، وحمل الامانة رغم إرهاب نمرود وجبروته الطاغي ، وكان ممن فتح الله قلبه للايمان لعقيدة الهدى ، وأيقظ حسه لاستقبال دعوة التوحيد ونفح فيه روح العزيمة والتحدي الشجاع زوجته سارة .
فكانت أول من آمن به(5)، وآمن له ابن أخيه لوط بن هاران ، فآمنا به وصدقاه واتبعاه وسارا معه حتى نهاية الشوط .
ولما احتدم الصراع بين الخليل ونمرود وأصر واستكبر وقرر حرق إبراهيم ومكافحة دعوته والوقوف بوجهه لم يبق أمام إبراهيم إلا الهجر والهجرة ، هجر الظالمين والمتواطئين، والهجرة إلى الله رافعا صوته بالقرار :
مخ ۱۵