وأعين أربع تبكي عليك أسى
ومن بكاء الثكالى السيل والمطر
قد كنت ريحانة في البيت واحدة
يروح فيه ويغدو نفحها العطر
ما كان عيشك في الأحياء مختصرا
إلا كما عاش في أكمامه الزهر
فارحل تشيعك الأرواح جازعة
في ذمة القبر بعد الله يا عمر
ولعل تحرر إسماعيل صبري من الانفعالات العنيفة هو الذي سمح لشاعريته بأن تصدر أحيانا عن روح دعابة لاذعة يسميها الأوروبيون «بالهيومر»، ويرون فيها ميزة لكبار الأدباء، وهي روح لا تتفق مع الانفعال العنيف، ولا مع السخرية الدامية، أو التهكم القاسي، أو الهجاء الموجع والسخط العاتي، بل تنفذ إلى أغراضها بروح دعابة لاذعة رقيقة دقيقة، تظهر المفارقات، وقد تعبث بالأوضاع أو تقلبها. ومن أمثال ذلك مقطوعاته الصغيرة التي كتبها عندما استقالت نظارة مصطفى فهمي باشا سنة 1908، وقد نشرها ممضاة باسم بنتامور، وهو الشاعر المصري القديم، وفيها يعبر عن طريق الفكاهة المعكوسة عن سخط الشعب على تلك الوزارة المعمرة التي عبثت بالوطن والمواطنين وقضاياهم، وصانعت المستعمر، وراحت بغضب الشعب وسخطه البالغ.
ولنكتف من تلك المقطوعات بما قاله على لسان مصطفى فهمي (ص248 من الديوان):
ناپیژندل شوی مخ