2
رجال تختلف درجات حضارتهم وأساليب انتفاعهم في أصقاع مختلفة الأوضاع، تتباين صور السير فيها، ويتم هذا الاستعمار بوسائل سلمية، ولا يستلزم منه أن يكون أبدا استعمارا مدنيا، فما كل حين يقوم الاستعمار على الزراعة والتجارة، بل كثيرا ما كانت تهاجم البلاد المستعمرة فتؤخذ حربا. والاستعمار عريق في القدم، ومن أقدم الأمم التي عانته الفينيقيون والرومان واليونان، واستعمار الفينيقيين تجاري، كانوا يجتزئون فيه بإنشاء مكاتب لمتاجرهم في البلاد التي ينزلونها، وما سكن قط أبناؤهم فيما استعمروه من البلاد سكنى دائمة، وطريقة الرومان واليونان في استعمارهم أن يسكنوا بنيهم فيما يحتلون من الأرض، ولذا أزاحوا الفينيقيين عن متاجرهم، وكان العرب أرباب خبرة واسعة في الاستعمار شهد لهم الإفرنج بذلك، وذكروا أنهم ظلوا معروفين بهذه الصفة في كل أدوار تاريخهم،
3
وما استطاع الجنويون والبيزيون والبنادقة وهم أجداد الطليان، أن يتعدوا حد الاستثمار في مستعمراتهم، فأشبه استعمارهم الاستعمار الفينيقي والقرطاجني.
كان البرتقاليون في بدء العصور الحديثة أول الأمم الغربية التي نهضت للاستعمار، فبدءوا باحتلال سواحل الغرب الأقصى حتى لم يبق بيد المسلمين من ثغوره غير سلا
4
ورباط الفتح واستولوا على بلاد الهبط وضايقوهم بها، حتى انحازوا إلى الأمصار المنزوية عن الأطراف، ثم أخذوا يتقدمون في بحر الظلمات حتى كشفوا شواطئ إفريقية الغربية والشرقية، متقدمين إلى الشرق للاتصال بجزائر الأبازير «البهارات» كشفوا هذه الطريق على عهد الأمير هنري
5
ابن الملك جوان الأول البرتقالي المتوفى سنة 1460م، وكان عالما باحثا انقطع إليه بعض اليهود وعلماء من الفاسيين والمراكشيين المغاربة كانوا يعدون لذاك العهد علماء العالم، فأخذوا ينقبون في جغرافيات العرب وغيرها، حتى عرفوا إمكان الدوران حول إفريقية، فكان لهذا الأمير الفضل على أوروبا كلها، وما تم ذلك على يده إلا بأبحاث علماء العرب وكتبهم.
ووصل البرتقاليون بعد حين إلى جزائر الأبازير فأصبحت ميدانا لتجارتهم أمدا طويلا، انتهوا إلى مليبار في الهند في سنة أربع وتسعمائة من الهجرة
ناپیژندل شوی مخ