وتلكم عائشة ﵂، فقد جاء عنها في الحديث الذي ردت فيه حديث تعذيب الله تعالى الميت ببكاء أهله عليه، زيادة قولها: انكم لتحدثونني عن غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطئ (١).
وكذلك رد بعض الأحاديث كان اجتهادًا منهم، لمخالفتهما ما استنبطوه من القرآن، لذلك نجد بعض الصحابة، ومن بعدهم عملوا بما رده غيرهم، لأنهم باجتهادهم رأوه غير معارض للأدلة.
ولم يكونوا في هذه الفترة يسألون عن الرواة، لأن الراوي إما من الصحابة، والصحابة كلهم عدول بتعديل الله تعالى لهم، وإما أن يكون من كبار التابعين الذين تلقوا عن الصحابة، وليس فيهم من يستحل الكذب على رسول الله ﷺ.
ولما وقعت الفتنة بمقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان ﵁، وما تبع ذلك من التفرق وظهور الأحزاب والفرق في خلافة علي بن أبي طالب ﵁ وخاصة بعد مقتله، كالشيعة والخوارج وغيرهم، وما رافق ذلك من دخول بعض الملحدين بين صفوف المسلمين، لإِيقاد نار الفتنة بين تلك الفرق، وتوسيع شقة الخلاف فيما بينها، نشط بعض أولئك الملحدين وأهل البدع والأهواء في وضع الأحاديث المكذوبة على لسان رسول الله ﷺ لنصرة مذهبهم، وتأييد بدعتهم والالتفاف حول فرقتهم (٢).
وعند ذلك تنبه العلماء إلى هذا الخطر على السنة، فوقفوا تجاه هذا الخطر موقفًا يقظًا حكيمًا، يدل على نباهتهم ودقتهم، فلم يعودوا يقبلون