قلت: ومن هذا كفر من يدعو الأولياء، ويهتف بهم عند الشدائد، ويطوف بقبورهم ويقبل جدارتها،(¬4) وينذر لها بشيء من ماله، فإنه كفر عملي لا اعتقادي، فإنه مؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر، ولكن زين له الشيطان أن هؤلاء عباد الله الصالحين (¬5)، ينفعون ويشفعون ويضرون، فاعتقدوا ذلك جهلا، كما اعتقده أهل الجاهلية في الأصنام، لكن هؤلاء مثبتون التوحيد لله، لا يجعلون الأولياء آلهة كما قاله الكفار، إنكارا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما دعاهم إلى كلمة التوحيد:?: { أجعل الآلهة إلها واحدا } [ص:5]، فهؤلاء جعلوا شركاء لله حقيقة، وقالوا في التلبية: (( لبيك لا شريك لك،(¬1) إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك )) (¬2)، فأثبتوا للأصنام شركة مع رب الأنام، وإن كانت عبادتهم الضالة قد أفادت أنه لا شريك له، لأنه إذا كان يملكه وما ملك، فليس بشريك(¬3) له بل هو مملوك، فعباد الأصنام جعلوا لله أندادا، واتخذوا من دونه شركاء وتارة يقولون: شفعاء يقربونهم إلى الله زلفى، بخلاف جهلة المسلمين الذين اعتقدوا في أوليائهم النفع والضر، فإنهم مقرون لله بالوحدانية، وإفراده بالإلهية، وصدقوا رسله، فالذي(¬4) أتوه من تعظيم الأولياء كفر عملي لا اعتقادي.
فالواجب هو وعظهم، وتعريفهم جهلهم، وزجرهم ولو بالتعزير، كما أمرنا بحد الزاني والشارب والسارق من أهل الكفر العملي، كما صرحنا به في الأبيات الأصلية حيث قلنا:
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها ... .............................
وكما قلنا:
وكم عقروا في سوحها من عقيرة ... .............................
وكما قلنا:
وكم طائف حول القبور ... ...........................
... إلخ.
مخ ۱۴۶