وصنف ثالث استمروا على الإسلام، ولكنهم جحدوا الزكاة وتأولوا(¬2) بأنها خاصة لزمنه صلى الله عليه وآله وسلم، وهم الذين ناظر عمر أبا بكر في قتالهم، وهذا معروف في البخاري وغيره. وفيه أن أبا بكر رضي الله عنه لم يقل بكفر من منعه الزكاة وإنه بمنعه إياها ارتد عن الإسلام، إذ لو كان هذا رأيه وأنهم كفار، لم يطالبهم بالزكاة، بل يطالبهم بالإيمان والرجوع، ولقال لعمر رضي الله عنه لما ناظره: إنهم كفار، بل قال: (( والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة )) (¬1). وهو صريح أن قتالهم لمنعهم(¬2) الزكاة، ولذا قال: (( والله لو منعوني عناقا... )) الحديث، وهذا في صحيح البخاري وغيره. وإنما قاتلهم الصديق رضي الله عنه لما أصروا على منعها، ولم يعذرهم بالجهل لأنهم نصبوا القتال، فبعث إليهم من دعاهم إلى الرجوع، فلما أصروا قاتلهم ولم يكفرهم، ثم اختلف الصحابة فيهم بعد الغلبة عليهم: هل تغنم أموالهم، وتسبى ذراريهم كالكفار، أو لا تغنم الأموال ولا تسبى الذراري كالبغاة، فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى الأول.
وذهب عمر إلى الثاني، ووافقه غيره بعد خلافته، وأرجع من كان سباهم أبو بكر، وأرجع إليهم أموالهم، كما ذكره بسنده العلامة أبو عمرو بن عبد البر في كتابه التمهيد.
قال الحافظ ابن حجر: واستمر الإجماع على رأي عمر. وقال: إن تسمية هؤلاء أهل الردة تغليبا مع الصنفين الأولين، وإلا فليسوا بكفار (¬3). انتهى.
مخ ۱۳۱