284

روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلى عليه السلام:(يا على إن المتقين إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق، عليها رحائل الذهب يستوون عليها، فتطير بهم حتى ينتهوا إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوت على صفائح الباب، وإذا عند الباب شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحدى العينين، فلما بلغ الشراب إلى الصدور أخرج الله ما في صدورهم من الغل والحسد والبغي، فذلك قوله تعالى:{ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا}(3) فلما انتهى إلى البطن طهره الله من دنس الدنيا وقذرها، وذلك قوله تعالى: {وسقاهم ربهم شرابا طهورا}(4) ثم اغتسلوا من الأخرى، فجرت عليهم النضرة والنعيم، لا تشعث أشعارهم، ولا تتغير ألوانهم، فيضربون بالحلقة على الصفائح، ولو سمعت لها طنينا يا علي، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد قدم، فتبعث إليه قيمه، فلولا أن الله عرفهم نفسه لخر له ساجدا مما يرى من النور والبهاء والحسن، فيقول: يا ولي الله أنا قيمك الذي وكلت بمنزلك، فينطلق وهو بالأثر حتى ينتهي إلى قصر من الفضة، شرفه الذهب، يرى ظاهره من باطنه، وباطنه من ظاهره، فيريد أن يدخله، فيقول: يا ولي الله أمامك ما هو أحسن، فينطلق به إلى قصر من الذهب، شرفه فضة، يرى باطنه من ظاهره، وظاهره من باطنه، فيقول: لمن هذا؟ فيقول: هو لك، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ولو مات أحد من أهل الجنة من الفرح لمات هو، فيريد أن يدخله، فيقول: أمامك ما هو أحسن منه، فلا يزال يمر به على قصور جنانه وأنهاره، حتى ينتهي به إلى غرفة من ياقوت أحمر وأخضر وأصفر وأبيض، في الغرفة سرير، عرضه فرسخ في طول ميل، عليه من الفرش كقدر سبعين غرفة، بعضها فوق بعض، فراشه نور، وسريره نور، وعلى رأس ولي الله تاج، لذلك التاج سبعون ركنا، في كل ركن ياقوتة، تضي ء مسيرة ثلاثة أيام للراكب المتعب، ووجهه مثل القمر ليلة البدر، عليه طوق ووشاحان، له نور يتلألأ، وفي يده ثلاثة أسورة من فضة وذهب ولؤلؤ، وذلك قوله تعالى:{يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير}(1) فيهتز السرير فرحا وشوقا إلى ولي الله، ويتضع له حتى يستوي عليه، ثم يهتز في السماء، ثم أتاه قهرمانه بقضيب الملك، فجعل ينكت فينظر إلى أساس بنيانه، ويسترقه مخافة أن يذهب بصره، فبينا هو كذلك إذ أقبلت حوراء عيناء، معها سبعون جارية وسبعون غلاما، وعليها سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء الحلل والحلي والجلد والعظم، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء، وكما يرون السلك في الدرة الصافية قال: فلما عاينها نسي كل شي ء قبلها، فتستوي معه على السرير، فيضرب بيده إلى نحرها، وإذا هو يقرأ ما في كبدها وإذا فيه مكتوب (أنت حبي وأنا حبك، إليك اشتهت نفسي) فذلك قوله تعالى:{كأنهن الياقوت والمرجان}(2) فيتنعم معها سبعون عاما لا تنقطع شهوتها ولا شهوته، فبيناهم كذلك إذ أقبلت الملائكة، وللغرفة سبعون ألف باب، وعلى كل باب حاجب فتقول الملائكة: استأذنوا لنا على ولي الله. فتقول الحجاب إنه ليتعاظمنا أن نستأذن لكم عليه، إنه لمع أزواجه، فيقولون: لابد لنا، إنا رسل الجبار إليه. فيناجونه فيما بينهم، فيقولون: يا ولي الجبار، إن الملائكة يستأذنون عليك. فيقول: ائذنوا. ثم تلا قوله تعالى:{والملائكة يدخلون عليه من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار}(3){وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا}(4) يعني استئذان الملائكة.

مخ ۲۹۱