قصته مع أربع المائة الذين تنبئوا في زمانه، وقد سبق ذكرهم.
قلت: هذا «١» كلام صحيح، لا غبار عليه. ونحن نقول به، لكن غرض هذا الخصم، لا يتم منه بحسب ما هو بصدده إلا ببيان: أن محمدا ﵇ من هذا الصنف من الأنبياء الكذابين/.
وذلك صعب المرام عليه، لوجهين:
أحدهما: أنا ما رأينا ولا سمعنا منذ أهبط آدم «٢» إلى الآن: أن نبيا كذابا «٣» استوسق «٤» له ناموسه، كما استوسق دين الإسلام نحو ألف
(١) في (م): وهذا.
(٢) ذكر الله اهباطه لآدم في القرآن الكريم قال تعالى: وقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وكُلا مِنْها رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُما إلى قوله تعالى: وقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ولَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ ومَتاعٌ إِلى حِينٍ (سورة البقرة من ٣٥ - ٣٦) وقال تعالى في سورة طه [١٢٣]: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ الآية.
وثبت خبر اهباط الله لآدم في صحيح مسلم في [القدر، حديث ١٥ باب حجاج آدم وموسى ﵉] وسنن أبي داود في (الصلاة فضل يوم الجمعة، وليلة الجمعة ١/ ٦٣٤) والترمذي في (تفسير سورة بني إسرائيل- الإسراء- ٥/ ٣٠٨) وفي (فضل الجمعة ٢/ ٣٥٩) وأحمد في المسند ٢/ ١٣٤، ٣/ ٤٣٠، ٤/ ٤٥٠ كلهم بألفاظ مختلفة.
(٣) لو قال: أن متنبئا كذابا لكانت العبارة أصح وأدل على المقصود، لأن النبي لا يكذب. ومن يكذب لا يسمى نبيا.
(٤) استوسق له الأمر: اجتمع له الأمر واستقر [انظر لسان العرب ١٠/ ٣٨٠] ومنه ما رواه الإمام أحمد في المسند (١/ ٢١٣) من حديث جعفر بن أبي طالب في الهجرة إلى الحبشة عن أم سلمة: (... قالت ودعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده. واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله ﷺ ...).