وإنما المجازاة جملة منزلة الفعل والفاعل، وبمنزلة الابتداء والخبر، ألا تراها تقع صلة للذي كما يكون ما ذكرت لك نحو قولك: الذي إن تأته يأتك زيد، فلا فصل بين هذه الأخبار.
وقال في هذا الباب: (وتقول: ما أنا ببخيل ولكن إن تأتني أعطك، جاز هذا وحسن لأنك قد تضمر ها هنا كما تضمر في إذا، ألا ترى أنك تقول: ما رأيتك عاقلا ولكن أحمق).
قال محمد: وهذا في المجازاة لا يحتاج إلى أن تضمر بعده، أعني لكن، وكذلك إذا، وما كان لا يغير الابتداء، والخبر عن حالهما، والعلة في جميع هذا العلة في إذ، وما التميمية، وكذلك هل.
قال أحمد: أما قوله: إن (إن) و(كان) يعملان في الابتداء والخبر، وإنما امتنعا من دخولهما على الأسماء التي يجازى بها، من أجل أنها قد عملت في الجواب، فلم يكن سبيل إلى أن تعمل إن وكان فيه وقد عمل الجزاء، فهذا كلام مضطرب /١٠٠/ فاسد، وذلك أن جواب المجازاة لا يكون خبرا عن الأسماء التي يجازى بها إذا ابتدئت فتكون خبرا لـ (إن) و(كان)، ألا ترى أنك لو قلت: من يقم أقم إليه، كانت (من) مبتدأة، وكان الخبر يقم عنها، لأنه ليس بصلة لها كما يكون في الاستفهام، وأقم جواب وليس خبرا عن (من)، وسبيل هذا سبيل قولك: لولا زيد قائم لفعلت، فزيد مبتدأ، وقائم خبره، ولفعلت جواب لولا، وكذلك الاستفهام إن جئت له بجواب- لأن من الجوابات ما يلزم ومنها ما لا يلزم- لقلت: من يقوم أعطه درهما، فكان يقوم خبرا، وأعطه جوابا، فلا معنى لذكر جواب المجازاة وإن كان (إن) و(كان) لا يعملان فيه من أجل أن المجازاة قد عملت فيه، ولو جاز دخول إن وكان على الأسماء التي يجازى بها لكان التقدير أن يكون الفعل الأول هو الخبر.