انتصار
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرونه
قال المؤيد بالله: ومن كان معه عشرة أثواب وعلم أن فيها ثوبا نجسا فإنه تجب عليه الصلاة في ثوبين منها ليكون الفرض ساقطا بيقين. وهكذا نقول فيمن كان معه عشرة أثواب نجسة وفيها ثوب طاهر؛ فإنه يجب عليه أن يصلي فيها أجمع ليكون الفرض ساقطا عن ذمته بيقين وقطع، فهذه المسائل كلها، التعبد فيها بالقطع والعلم دون الظن، وهي مستوية في ذلك كما أوضحناه.
المجرى الثاني: ما كان التعبد فيه واردا بالظن.
وهذا هو معظم أحكام الشريعة فإنها جارية على الظنون في أكثر العبادات والمعاملات. وهذا نحو الحكم بالشهادة فإن مستندها الظن بصدق الشاهدين، ونحو مراعات الظنون في طهارة الأشياء ونجاستها، ونحو الأخبار المعول عليها في جميع الأحكام الشرعية فإنها مثمرة للظن لا غير، في الصلوات والحج والصيام وغير ذلك.
وهكذا الكلام في الأقيسة فإنها معمول بها في تقرير الأحكام الفقهية، والعمل على الأخبار الآحادية والأقيسة قد قال به الأكثر من الأمة، ولم ينكر العمل عليهما إلا شواذ من الأمة لا يلتفت إلى كلامهم، والمنكرون للأقيسة أكثر من المنكرين لأخبار الآحاد؛ لأن الأخبار الآحادية مستندها الشارع، والأقيسة النظرية مستندها نظر القائسين، وكلها معمول عليها عند أئمة العترة والنظار من علماء الأمة، والكلام على هاتين القاعدتين قد قررناه في الكتب الأصولية.
التنبيه الثاني: في بيان الظن المعمول عليه في الأحكام الشرعية.
واعلم أن ماهية الظن هو تغليب في القلب على أحد المجوزين ظاهري التجويز.
فقولنا: تغليب، نحترز به عن سائر الاعتقادات فإنها جزم وليست تغليبا.
وقولنا: في القلب؛ ليكون عاما لمن قال: إن الظن أمر يفعله الإنسان في قلبه، ولقول من قال: إن الظن أمر يوجبه القلب عند حصول الأمارة.
فالأول: مذهب الشيخ أبي هاشم وأصحابه.
والثاني: مذهب أبي الحسين البصري وأصحابه.
فإذا قلنا فيه: تغليب في القلب، كان شاملا لهما جميعا.
مخ ۳۰۴