هياكل عظمية «من اليمين لليسار» للإنسان، الغوريلا، الشمبنزي، الأورانج أوتان، الجيبون ...
إنسان وزاحفة كبرى منقرضة «للمقارنة»، كانت أحجام هذه الزواحف هائلة، وأشكالها مختلفة، وقد تسلطت على الأرض ملايين السنين، ثم انقرضت ...
ونزلنا صغارا من الشجر، وقد كسبنا من الإقامة عليه عيني الوجه وكذلك اليد، فلما استقر بنا المقام على الأرض كبرت جثتنا كما كبرت جثة الغوريلا الذي لا يصعد على الشجر سوي صغاره، وأيضا لأننا صرنا نتناول باليد، استغنينا عن الذنب، بل ربما كنا استغنينا عنه قبل النزول إلى الأرض؛ لأن هذا هو الشأن حتى في الجيبون الذي يسلك سلوك البهلوان على الغصون، والذي نظن أنه لذلك كان يجب أن يحتاج إلى الذنب، ولكن المرجح أن الأيدي قد قامت مقام الأذناب حتى ونحن على الشجر.
والفرق بيننا وبين الأربعة الأخرى أننا لم نتخصص مثلها على الإقامة في الشجر، حتى الغوريلا التي تركت الشجر الآن قد تركته متأخرة؛ لأن قدميها لا تصلحان للسير كما تصلح أقدامنا، ولأن إبهام القدم يواجه الأصابع ولا يستوي معها في صف كما هي الحال عندنا.
وأبعد الخمسة منا، وهو الصرخة النائية لحياة قديمة اشتركنا فيها، هو الجيبون، وهو آسيوي يعيش في الأقاليم الشرقية الجنوبية من آسيا وكذلك في سومطرة وبورنيو، وهو يختلف عن الأربعة الأخرى من حيث إن له صوفا بدلا من الشعر الذي تتسم به، وكذلك يتسم هو بتضخم إستي كما هو الشأن في بعض القردة ، ولكن من الباحثين من يقول: إن هذا التضخم الإستي عام بين الخمسة حتى الإنسان، وإن الفرق بينهما درجي فقط، وبشرته سوداء مثل الزنوج، ومن هنا يجب أن نشك في قيمة الضوء من حيث إنه الأصل في البشرة السوداء؛ لأن هذا الجيبون يكسو بشرته صوف يحميها من الضوء، ومع ذلك هي سوداء، ولا بد أن هناك أسبابا أخرى لسواد البشرة عند زنوج البشر وعند الجيبون.
والجيبون هو أصغرنا جميعا من حيث الوزن والقامة، فإن قامته لا تزيد على تسعين سنتيمترا، وهو ضامر البطن، ونحن الأربعة بالمقارنة به، نعد مستكرشين، وهو أبرعنا في الانتقال بذراعيه كما نحن أبرع الخمسة في الانتقال بالساقين، وهو حين يتعلق بالغصون لا يستعمل إبهامه، بل أحيانا يقنع باستعمال إصبعين للتعلق كأن إصبعه خطاف، ولذلك لا يقبض على الغصن ولكنه يتعلق بانحناء خطافي في الأصابع، وأنيابه طويلة مؤثلة بخلاف الحال عند الأربعة الأخرى؛ لأن الأنياب عندها قصيرة مسحاء لا تنتهي بإبرة حادة، وهو ألوف، ولكنه عندما يعاشرنا لا يتمالك من الاختلاس؛ لأن ذكاءه يتجاوز أمانته.
ووطنه الأعم هو الشجر الذي لا يتركه سوى ساعة أو ساعتين في النهار، وهو يمشي ينتصب على قدميه.
أما ثاني الخمسة فهو الأورانج الذي يعيش في سومطرة وبورنيو في الأقاليم التي يعيش فيها الجيبون، هو الحيوان الانفرادي بيننا نحن الخمسة؛ لأننا اجتماعيون نعيش كلنا جماعات، إلا الأورانج فإنه ينفرد على الشجرة، وأنفه وفمه يبرزان وشعره أحمر، ولكن لحيته بطريركية سابلة برتقالية اللون، وهو يسير على الأرض في بطء وحذر، وهذا لأن إبهام قدمه الذي يخلو من الظفر أحيانا يواجه أصابعه؛ أي: أن قدميه مثل يده، وذراعاه طويلتان وساقاه قصيرتان بعكس الحال عندنا نحن البشر، وبين قواعد أصابعه أغشية، وأصابعه لا تقبض على الغصن ولكنها تتعلق به كالخطاف كما يفعل الجيبون، وصغار الأورانج كصغار البشر تتعلق وتتدلل وتصيح وراء الأم، بل هنا يجب ألا يفوتنا أن صغارنا نحن الخمسة تتشابه كثيرا في تفاصيل الجسم والوجه والأخلاق.
وكل من الأورانج والجيبون يتناول الماء بيده ثم يشرب من يده؛ أي: أنهما لا يلعقان، ودماغ الأورانج لا يختلف عن دماغ الإنسان إلا من حيث الحجم.
أما ثالثتنا فهو الغوريلا، ووطنه إفريقيا، في الأقاليم النبياء من الكونجو، وهو أثقلنا؛ إذ يبلغ وزنه 500 أو 600 رطل، وهو شجري ما دام في طفولته وصباه، فإذا كبر لم يكد يعرف الشجر، وهو في الوجه من حيث حركة الأعضاء ولحظة العين بشري السحنة، وقدمه مستوية، وهو حين يعدو يتساوى مع الإنسان في السرعة أو يكاد يسبقه، وهو حين يقعد يأكل كل ما حوله من أوراق الشجر، ولذلك كان بطنه ضخما كأنه بهيم، وهو يسير جماعات كل 20 أو 30 معا، وعندما يقعد ليستريح على أليته يضم ذراعيه مكتوفتين على صدره، وهو ينام على ظهره أو جنبه ويتوسد ذراعه، وهو مثل الأورانج يثبت للخصم ولا يفر.
ناپیژندل شوی مخ