إن قيم الأعمال والأخلاق لا قوام لها مع الإيمان برب هو رب هذا القبيل أو هذا الشعب، بين من خلق الله من قبائل لا يختارها وشعوب لا ينظر إليها.
وإن هذه القيم لغو عند أناس يحيق بهم الذنب وما اقترفوه، ويهبط عليهم الغفران وما صعدوا إليه، ويتقلبون بين النقمة والنعمة بغير جريرة من إثم، وبغير شفاعة من توبة، وبغير نية للإساءة ولا نية للتكفير.
إن العالم الإنساني كلمة غير مفهومة عند من يدين برب غير رب العالمين، وإن قيم الأخلاق كيل جزاف حين تنقطع الأسباب بين الحسنات والسيئات، وبين الثواب والعقاب، وإن «الإنسانية» الجامعة شيء لا وجود له قبل أن يوجد «الإنسان المسئول».
وإنما توجد «الإنسانية الواحدة»، ويتساوى الإنسان والإنسان مع الإله الواحد الأحد، رب الناس ورب العالمين أجمعين، أفضلهم عنده أتقاهم وأصلحهم وأسبقهم إلى الخيرات.
وما التقوى؟
التقوى كلمة واحدة تجمع كل وازع يزع الضمير.
وأقدر الناس على أمانة التقوى أقدرهم على النهوض بالتبعة، وأعرفهم بمواضع المعروف والمنكر، والمباح والمحظور.
والإنسان التقي مرة أخرى هو الإنسان «الإنسان».
ما هذه التقوى التي يتعلق بها كل فضل للإنسان عن رب العالمين؟
لو شاء فلاسفة الأخلاق لعلموا ما هي هذه التقوى، وعلموا حقا أن موازينهم جميعا لا تحسن الترجيح بين فضل وفضل، وبين قدرة وقدرة كما تحسنه هذه «التقوى» التي يحسبونها «تسبيحة» من تسابيح المعابد، ويخيل إليهم أنها أفشل من أن تنفع العالم المحقق في مقام الموازنة والتفضيل، فليس بين فاضل ومفضول قط من رجحان غير رجحان الأفضل في القدرة على التبعة، بما طاب لهم من ألوان التبعات.
ناپیژندل شوی مخ