هذه خلاصة مقتبسة من كلام العالم البيولوجي اقتباسا تحرينا فيه تصوير معناه، ولم نلتزم حروف نصوصه، ومجمل هذا المعنى أن مستقبل الإنسان الطبيعي مستكن في كيانه، وأنه يملك وسائل التهذيب الاجتماعي، ولكنه لا يقدر على إحداث أثر لم تكن مولداته مطوية في استعداده، وأن الأجراس التي تدق له دقات الخطر على حياته النوعية أو الفردية هي نفسها جزء من تلك الحياة، وكذلك العلاج الذي يحتال به على الخطر، بعد الانتباه إليه، إنما هو من عقار أرضه ووصفات طبه.
دواؤك منك وما تشعر
وداؤك منك وما تفكر
وقبل الأستاذ مداوار بخمس عشرة سنة، عند نهاية الحرب العظمى تقدم للإجابة على هذا السؤال عن مستقبل الإنسان عالم بيولوجي من المؤمنين بالنشوء والتطور، يضارع مداوار في منزلته العلمية وشهرته العالمية، فكتب عن القدر الإنساني
Human Destiny
سلسلة من البحوث الحديثة على منهج غير منهج زميله المتأخر؛ لأنه يفترض الغاية المرسومة للتطور، ويرد مقاصده جميعا إلى عناية إلهية تتلخص حكمتها الهادية في أنها «تريد»، ولكنها تعلم الخلائق أن تريد لنفسها، وأن تترقى بالإرادة على حسب جهودها مع الهداية التي تلهمها، ولكنها لا تلهمها إلا لكي تعينها بالإلهام على أن تعمل عملها وتسلك سبيلها.
ومؤلف كتاب «القدر الإنساني» هو العالم البيولوجي الجليل، ليكونت دي نوي
De Nouy ، الذي يقول: إن استمرار النشوء والقول بالمصادفة مفارقة لا تعقل. وهو يشبه مجاري النشوء في الكون بجداول البحيرة التي تنصب من فوق الجبل إلى مستقرها في الأودية، فتمر بالصخور والرمال وتلتقي أو تفترق، وتحمل معها ألوانا من الرواسب والطوافي تخالف بينها آخر الأمر، حتى كأنها ينابيع لم تصدر من أصل واحد، ولم تجر على سنة واحدة، والواقع أنها ليست كذلك، وأنها في أصلها من بحيرة واحدة، وفي حركتها خاضعة لقوة واحدة هي قوة الجاذبية.
وعند «دي نوي» أن نظرية لامارك عن التوفيق بين البنية والبيئة، ونظرية دارون عن الانتخاب الطبيعي، ونظرية التحول الفجائي في رأي نودين-دي فري
Nudin-De Vries - كلها صالحة للمساهمة في تفسير عوامل النشوء والتطور.
ناپیژندل شوی مخ