والدليل على سؤال منكر ونكير قوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " يعني وفي الآخرة عند سؤال منكر ونكير. وأيضا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن ابنه إبراهيم جلس عند رأس القبر، فتكلم بكلام، ثم قال: ابني قل أبي، وروى عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه: كيف بك يا عمر إذا جاءك فتانا القبر ؟ فقال: أكون كما أنا الآن ؟ فقال له: نعم. فقال له: إذا أكفيكهما. وروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: رأيت أبي في النوم، فقلت له يا أبت؛ منكر ونكير حق ؟ فقال: إي والله الذي لا إله إلا هو، لقد جاءاني فقالا لي: من ربك ؟ فأخذت عليهما وقلت لهما: لا أخلي عنكما حتى تعرفاني من ربكما، فقال أحدهما للآخر: دعه فإنه عمر الفاروق سراج أهل الجنة.
ويدل على نصب الصراط: قوله تعالى: " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا " قيل في التفسير: هو العبور على الصراط. وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم: ينصب الصراط على متن جهنم دحض مزلة والأنبياء عليه يقولون: سلم. سلم. والناس يمرون عليه، فمنهم من يمر عليه كالبرق الخاطف ومنهم من يمر عليه كالجواد من الخيل. إلى آخره.
والدليل على نصب الميزان: قوله تعالى: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة " وقوله " فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " وأيضا فإن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله هل تذكرون أهليكم يوم القيامة ؟ فقال لها: أما عند مواطن ثلاثة فلا: الكتاب، والميزان، والصراط.
واعلم أن الموزون في الميزان هو صحائف الأعمال. وقيل في بعض الآثار: يشخص رجل يوم القيامة على رؤس الخلائق، فيعرض عليه تسعة وتسعون سجلا مملوءة سيئات، فيقال له احضر وزنك، قيل: فيوضع في كفة قال: فيحار العبد، فيقال له: هل تعلك لك خبيئة أو حسنة ؟ قال: فيدهش، فيقول: يا رب لا أعلم شيئا. فيقول تعالى: بل لك عندي خبيئة، فيخرج له بقدر الإصبع، فيقول: ما تغني هذه في جنب هذه السجلات، فإذا فيها لا إله إلا الله. اللهم ثبتنا عليها بحولك وقوتك.
والدليل على الحوض: قوله تعالى: " إنا أعطيناك الكوثر " قيل في التفسير: هو الحوض. وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم: حوضي كما بين أيلة إلى مكة، له ميزابان من الجنة أكاويبه كعدد نجوم السماء، شرابه أبيض من اللبن وأحلى من العسل، وأطيب رائحة من المسك، من كذب به اليوم لم يصبه الشرب يومئذ.
والدليل على ثبوت الشفاعة: قوله تعالى: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " يدل على ثبوت الشفاعة لمن أراد سبحانه وتعالى، ويدل عليه قوله تعالى: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وأيضا: قوله صلى الله عليه وسلم: خيرت بين أن يدخل شطر أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة؛ لأنها أعم وأكفأ، أترونها للمؤمنين المتقين، لا، ولكنها للمؤمنين الخاطئين. وأيضا: قوله صلى الله عليه وسلم: يقال للعابد يوم القيامة ادخل الجنة، ويقال للعالم قف أنت فاشفع لمن شئت.
والدليل على أن الجنة والنار مخلوقتان: قوله تعالى: " وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين " والمعد لا يكون إلا موجودا مهيئا. وأيضا قوله: " إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا " إلى غير ذلك من الآيات. وأيضا: قوله صلى الله عليه وسلم: عرضت علي ليلة الإسراء الجنة والنار إلى غير ذلك من الأخبار.
والدليل على تخليد النعيم لأهل الجنة والعذاب لأهل النار: قوله تعالى في أهل الجنة: " خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه " والآي في ذلك كثير، وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش فيوقف بين الجنة والنار، فينظرون إليه فيقال لهم: هل تعرفون هذا ؟ فيقولون نعم، هذا الموت، فيذبحن ثم ينادي مناد يا أهل الجنة: خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت.
مخ ۱۶