لا يطلب رِبْحًا؛ إلا بعد إحراز رأس ماله» .
وكتب أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- إلى عمرو بن العاص: «أما بعد، فقد جاءني كتابك، يذكر ما جَمَعت الروم من الجموع، وإنَّ الله ﷿ لم ينصرنا مع نبينا ﷺ بكثرة عددٍ، ولا بكثرة خيلٍ، ولا سلاح، ولقد كُنّا ببدر، وما معنَا إلا فرسَان، وإنْ نحن إلا نتعاقب الإبل، وكنا يوم أحدٍ، وما معنا إلا فرسٌ واحد، وكان رسول الله ﷺ يركبه، ولقد كان الله ﷿ يُظْهِرُنا، ويُعِينُنَا على من خالَفَنا، فاعلم يا عمرو، أنَّ أطوعَ الناسِ لله ﷿ أشدُّهم بغضًا للمعصية، ومن خاف الله ﷿ ورَّعه خوفه عن كل ما فيه معصية، فأطِع الله -تعالى-، وأْمُرْ أصحابك بطاعته؛ فإن المغبون من حُرِمَ طاعة الله -تعالى-، واحذر على أصحابك البياتَ، وإذا نزلت منزلًا فاستعمل على أصحابك أهل الجَلَدِ والقوة؛ ليكونوا هم الذين يحرسونهم ويحفظونهم، وقدِّم أمامك الطلائع، حتى يأتوا بالخبر، وشاور أهل الرأي والتجربة، ولا تستبدَّ برأيك دونهم، فإن في ذلك احتقارًا للناس، ومَغْضَبَةً لهم، فقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ يشاور أصحابه في الحرب، وإيّاك والاستهانة بأهل الفضل من أصحاب رسول الله ﷺ، وقد عرفتَ وصية رسول الله ﷺ بالأنصار عند موته حين قال: «أحسنوا إلى محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم» (١)، فقرِّبهم منك وأَدْنِهِمْ، واستشرهم، وأَشْرِكْهم في أمرك،