ثلاثا، ننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونشرب الخمر، وتعزف القيان علينا، فلن تزال العرب تهابنا أبدا. وعاد قيس إلى أبي سفيان وقد بلغ الهدّة [(١)]- على تسعة أميال من عقبة عسفان- فأخبره بمضي قريش، فقال: وا قوماه!! هذا عمل عمرو ابن هشام [يعني أبا جهل] [(٢)]، كره أن يرجع لأنه ترأس على الناس فبغى، والبغي منقصة وشؤم، إن أصاب محمد النفير ذللنا.
رجوع الأخنس ببني زهرة عن بدر
ورجع الأخنس بن شريق [واسمه أبي بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج ابن أبي سلمة بن عبد العزى بن غيرة] ببني زهرة من الأبواء [(٣)]- وكانوا نحو المائة وقيل ثلاثمائة- فلم يشهد بدرا أحد من بني زهرة إلا رجلان هما عمّا مسلم ابن شهاب بن عبد اللَّه [(٤)] وقتلا كافرين، ويقال: إن الأخنس بن شريق خلا بأبي جهل لما تراءى الجمعان فقال: أترى محمدا يكذب؟ فقال أبو جهل: كيف يكذب على اللَّه وقد كنا نسميه الأمين لأنه ما كذب قط! ولكن إذا كانت في عبد مناف السقاية والرفادة والمشورة، ثم تكون فيهم النبوة، فأي شيء بقي لنا؟ فحينئذ انخنس الأخنس ببني زهرة [(٥)] ورجعت بنو عدي قبل ذلك من مرّ الظهران.
الهاتف بمكة بنصر المسلمين
وذكر قاسم بن ثابت في كتاب الدلائل أن قريشا حين توجهت إلى بدر مرّ هاتف من الجن على مكة في اليوم الّذي أوقع بهم المسلمون وهو ينشد بأنفذ صوت ولا يرى شخصه [(٦)]: