امامت او سیاست
الامامة والسياسة
بدء الفتن والدولة العباسية
قال: وذكروا أن الهيثم بن عدي أخبرهم، قال: اختلفت روايات القوم الذين عنهم حملنا وروينا ذكر الدولة، فحملنا عنهم ما اختلفوا فيه وألفناه، فكان أول ما اختلفت فيه الرواية، ولم تلائمه الحكاية، أشياء سنذكرها في موضعها من هذا الكتاب إن شاء الله، واقتصرنا على معانيها، وقيدنا بعض ألفاظها لطول أخبارها، واجتنبنا الجزل السمين من اللفظ، ورددنا هزيله لنزر فائدته، وقلة عائدته، وقد اختصرنا وأشبعنا إذ لم نترك من المعاني المتقدمة شيئا، والله الموفق للصواب.
فكان مما ألفنا بدءا من ذكر الدولة، وما أخبرنا عن الهيثم بن عدي، عن الرجال الذين حدثوه. قالوا: لما سلم الحسن بن علي الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان، قامت الشيعة من أهل المدينة، وأهل مكة، وأهل الكوفة، واليمن، وأهل البصرة، وأرض خراسان، في ستر وكتمان، فاجتمعوا إلى محمد بن علي، وهو محمد بن الحنفية[ (1) ]، فبايعوه على طلب الخلافة إن أمكنه ذلك، وعرضوا عليه قبض زكاتهم، لينفقوها يوم الوثوب على فرصته، فيما يحتاج من النفقة على مجاهدته، فقبلها، وولى على شيعة كل بلد رجلا منهم، وأمره باستدعاء من قبله منهم، في سر وتوصية إليهم، ألا يبوحوا بمكتومهم، إلا لمن يوثق به، حتى يرى [ () ] عبد العزيز، ولمجهوده في هذا الصدد، وصفه الخليفة المنصور بأنه بحق: رجل بني أمية.
وقيل أيضا: إن السواس من بني أمية ثلاثة: معاوية وعبد الملك وهشام.
ويقول حسن إبراهيم حسن في تاريخ الإسلام 1/333: «ومن إصلاحات هشام اهتمامه بتعمير الأرض وتقوية الثغور وحفر القنوات والبرك في طريق مكة وغير ذلك من الآثار، وفي أيامه ظهرت صناعة الخز والقطيفة. وكان هشام كلفا بالخير.
ومما يؤخذ على هشام إمعانه في الانتقام من العلويين والتنكيل بهم» .
[ (1) ]كان ذلك بعد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه سنة 60 ه. حيث أثار مقتله حماسة المسلمين، فتوحدت صفوف الشيعة وزادت الدعوة لآل علي (رضي الله عنه) قوة، واشتد العداء بين الأمويين والعلويين الذين ثاروا في الولايات الإسلامية.
وقد كانت كربلاء ونتائجها عاملا في إذكاء روح التشيع، وأصبحت عقيدة راسخة في نفوس المسلمين، وقد وجد ابن الزبير فرصته التاريخية-بعد كربلاء-لتحقيق أغراضه السياسية تحت ستار الأخذ بثأر الحسين، وتهيأت الفرصة أيضا للمختار بن أبي عبيد الذي ادعى إمامة محمد بن الحنفية (ابن علي بن أبي طالب) . وانضمت إليه حركة التوابين الذين ندموا على عدم إغاثتهم الحسين وقاموا ليبذلوا نفوسهم في الأخذ بثأره.
مخ ۱۴۸