امامت او سیاست
الامامة والسياسة
ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان
قال: وذكروا أن الأمر صار بعد عمر بن عبد العزيز[ (1) ]، إلى يزيد بن عبد الملك، بعهد سليمان أخيه إليه بذلك، وإلى عمر، وكان يزيد قبل ولايته محبوبا في قريش بجميل مأخذه في نفسه، وهديه وتواضعه وقصده، وكان الناس لا يشكون إذا صار إليه الأمر، أن يسير بسيرة عمر لما ظهر منه. فلما صارت إليه الخلافة حال عما كان يظن به، وسار بسيرة الوليد أخيه، واحتذى على مثاله، وأخذ مأخذه[ (2) ]، حتى كأن الوليد لم يمت، فعظم ذلك على الناس، وصاروا من ذلك إلى أحوال يطول ذكرها، حتى هموا بخلعه، وجاءهم بذلك قوم من أشراف قريش، وخيار بني أمية، وكانت قلوبهم قد سكنت إلى هدي عمر، واطمأنت إلى عدله بعد النفار، والإنكار لسيرته، وعاد ذلك من قلوبهم إلى الرضا بأمره، [ (1) ]في موت عمر بن عبد العزيز أقوال: في الطبري 8/137 وابن الأثير 5/58 كالأصل هنا: أن مرضا ألم به وكانت شكواه عشرين يوما. ولم يذكرا شيئا عن سبب مرضه. وفي البداية والنهاية: سبب وفاته السل. وفي العقد الفريد 2/280 قال: ان يزيد بن عبد الملك دس إليه السم مع خادم له. وفي فوات الوفيات: سقاه بنو أمية السم لما شدد عليهم. وفي ابن سعد 5/253 إشارة إلى أن عمر بن عبد العزيز لما أزعجه بنو مروان هددهم بالانسحاب إلى المدينة وجعلها شورى، فقد يكون هذا ما عجل باتخاذهم قرارا بإبعاده عن مسرح السياسة الأموية فقتلوه.
[ (2) ]استسلم الخليفة يزيد بن عبد الملك إلى غرائزه وشهواته ورغباته واتسمت ولايته بعناوين أبرزها:
-تشاغله عن مصالح الأمة وانغماسة باللهو والغناء والشراب والعبث وترك الدولة بكل مؤسساتها إلى الولاة والجواري بحيث أن حبابة جاريته كانت تعزل وتولي دون الرجوع إليه.
-عمد إلى كل الإجراءات والتنظيمات التي وضعها عمر بن عبد العزيز مما لا يوافق هواه فرده.
ومثال ذلك أنه كتب إلى عمال عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فإن عمر كان مغرورا، غررتموه أنتم وأصحابكم، وقد رأيت كتبكم إليه في انكسار الخراج والضريبة. فإذا أتاكم كتابي هذا فدعوا ما كنتم تعرفون من عهده، وأعيدوا الناس إلى طبقتهم الأولى، أخصبوا أم أجدبوا، أحبوا أم كرهوا، حيوا أم ماتوا والسلام. (العقد 4/442) .
-بعث روح العصبية بين اليمانية والمضرية، مما جعلها تنخر في عظام الخلافة الأموية إلى أن قضت عليها. فانحاز إلى الجناح المضري (أحد جناحي النظام الأموي) وهدد مصالح الجناح اليمني.
-لسوء سياسته عاد الخوارج إلى التحرك.
-تعيين ولاة في الولايات اعتمدوا في سياستهم الإساءة إلى الموالي مما أدى إلى انتقاض الأمن، وخروج الأطراف على الدولة، والكثير ارتدوا عن الإسلام.
-إهماله الجهاد وترك الغزو ومناضلة الأعداء.
مخ ۱۴۱