325

ساجدا، ثم رفع رأسه، فأتاه آخر بفتح آخر، وخر ساجدا، حتى ظننت أنه لا يرفع رأسه[ (1) ].

ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب

قال: وذكروا أن هرم بن عياض حدثهم عن رجل من أهل العلم، أنه كان مع موسى بالأندلس حين فتح البيت الذي كانت فيه المائدة، التي ذكروا أنها كانت لسليمان بن داود عليه السلام. فقال: كان بيتا عليه أربعة[ (2) ]وعشرون قفلا، كان كلما تولى ملك، جعل عليه قفلا اقتداء منه بفعل من كان قبله، حتى إذا كانت ولاية لذريق القرطبي، الذي افتتحت الأندلس على يديه وفي ملكه قال:

والله لا أموت بغم هذا البيت، ولأفتحنه حتى أعلم ما فيه، فاجتمعت إليه النصرانية والأساقفة والشمامسة، وكل منهم معظم له. فقالوا له: ما تريد بفتح هذا البيت؟فقال: والله لا أموت بغمه، ولأعلمن ما فيه. فقالوا: أصلحك الله، إنه لا خير في مخالفة السلف الصالح، وترك الاقتداء بالأولية، فاقتد بمن كان قبلك، وضع عليه قفلا كما صنع غيرك، ولا يحملك الحرص على ما لم يحملهم عليه، فإنهم أولى بالصواب منا ومنك، فأبى إلا فتحه. فقالوا له: انظر ما ظننت أن فيه من المال والجواهر، وما خطر على قلبك، فإنا ندفعه إليك، ولا تحدث علينا حدثا لم يحدثه فيه من كان قبلك من ملوكنا، فإنهم كانوا أهل معرفة وعلم. فأبى إلا فتحه ، ففتحه، فوجد فيه تصاوير العرب، ووجد كتابا فيه: إذا فتح هذا البيت دخل هؤلاء الذين هيئاتهم هكذا، هذه البلاد فملكوها.

فكان دخول المسلمين من العرب إليه في ذلك العام[ (3) ].

[ (1) ]ذكر ابن الأثير أن الوليد أرسل رسولا إلى موسى يأمره بالخروج من الأندلس والقفول إليه، فساءه ذلك ومطل الرسول... فقدم عليه رسول آخر للوليد يستحثه... 3/212 أخبار مجموعة ص 19 وفي الحلة السيراء 2/335 فلما قدم افريقيا كتب إليه الوليد بالخروج إليه.

فالوليد وبعد أخبار الفتح الهائلة كان ينتظر موسى بفروغ صبر ليطلع منه شخصيا على نتائج عملية الغزو الناجحة، ولعله أرسل إليه لدراسة الخطوات اللاحقة بعد دراسة الظروف المستجدة.

[ (2) ]في وفيات الأعيان: ستة. (وانظر نفح الطيب 1/247) .

[ (3) ]انظر ما ذكره المقري 1/247 وما بعدها وابن خلكان 5/327 من تفاصيل حول هذا الخبر.

ومختصر كتاب البلدان لابن الفقيه ص 79-80.

مخ ۹۰