امامت او سیاست
الامامة والسياسة
ما وراءك يا غضبان؟قال: شر طويل، تغد بالحجاج قبل أن يتعشى بك. ثم انصرف من عنده[ (1) ]، فنزل رملة كرمان، وهي أرض شديدة الحر، فضرب بها قبة وجلس فيها، فبينا هو كذلك إذ ورد أعرابي من بكر بن وائل على قعود، فوقف عليه وقال: السلام عليك. فقال له الغضبان: السلام كثير، وهي كلمة مقولة.
قال الأعرابي: من أين أقبلت؟قال: من الأرض الذلول. قال: وأين تريد؟قال:
أمشي في مناكبها، وآكل من رزق الله الذي أخرج لعباده منها. قال الأعرابي:
فمن غلب اليوم؟قال الغضبان: المتقون. قال: فمن سبق؟قال: حزب الله الفائزون. قال الأعرابي: ومن حزب الله؟قال: هم الغالبون. فعجب الأعرابي من منطقه، وحضور جوابه. ثم قال: أتقرض؟قال الغضبان: إنما تقرض الفأرة.
قال: أفتنشد؟قال: إنما تنشد الضالة. قال: أفتسجع؟قال: إنما تسجع الحمامة. قال: أفتنطق؟قال: إنما ينطق كتاب الله. قال: أفتقول؟قال: إنما يقول الأمير. قال الأعرابي: تالله ما رأيت مثلك قط. قال الغضبان: بل رأيت ولكنك نسيت، قال الأعرابي: فكيف أقول؟قال: أخذتك الغول، في العاقول[ (2) ]، وأنت قائم تبول. قال الأعرابي: أتأذن لي أن أدخل[ (3) ]عليك؟قال الغضبان: وراؤك أوسع لك، قال الأعرابي: قد أحرقتني الشمس. قال الغضبان: الآن يفيء عليك الفيء إذا غربت. قال الأعرابي: إن الرمضاء قد أحرقت قدمي. قال الغضبان: بل عليها تبرد. قال الأعرابي: إن الوهج شديد. قال الغضبان: ما لي عليه سلطان. قال الأعرابي: إني والله ما أريد طعامك ولا شرابك. قال الغضبان: لا تعرض بهما، فو الله لا تذوقهما. قال الأعرابي: وما عليك لو ذقتهما؟قال الغضبان: نأكل ونشبع. فإن فضل شيء من الأكرياء والغلمان، فالكلب أحق به منك. قال الأعرابي: سبحان الله!قال الغضبان: نعم، من قبل أن يطلع رأسك وأضراسك إلى الدنيا ، قال الأعرابي: ما عندك إلا ما أرى؟قال الغضبان: بل عندي هراوتان أضرب بهما رأسك حتى ينتثر دماغك. قال الأعرابي: إنا لله و إنا إليه راجعون . قال الغضبان: أظلمك أحد؟قال الأعرابي:
ما أرى. ثم قال الأعرابي: يا آل حارث بن كعب، فقال الغضبان: بئس الشيخ ذكرت. قال الأعرابي: ولم ذلك؟قال الغضبان: لأن إبليس يسمى حارثا. قال [ (1) ]في مروج الذهب 3/180 دخل مع ابن الأشعث في أمره.
[ (2) ]العاقول: نبات تأكله الإبل.
[ (3) ]في مروج الذهب: أدنو إليك.
مخ ۴۲