الأنصاري رضي الله عنهم إلى سعد بن عبادة، فقالوا له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض. فقال سعد لابنه قيس (1) رضي الله عنهما: إني لا أستطيع أن أسمع الناس كلاما لمرضي، ولكن تلق مني قولي فأسمعهم، فكان سعد يتكلم، ويحفظ ابنه رضي الله عنهما قوله، فيرفع صوته، لكي يسمع قومه، فكان مما قال رضي الله عنه، بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه: يا معشر الأنصار إن لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة (2) من العرب، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث في قومه بضع عشرة سنة، يدعوهم إلى عبادة الرحمن، وخلع الأوثان (3)، فما آمن به من قومه إلا قليل (4)، والله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعرفوا دينه، ولا يدفعوا عن أنفسهم (5)، حتى أراد الله تعالى لكم الفضيلة، وساق إليكم الكرامة، وخصكم بالنعمة، ورزقكم الإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم، والمنع له ولأصحابه والإعزاز [له و] لدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه منكم، وأثقله على عدوكم من غيركم، حتى استقاموا لأمر الله تعالى طوعا وكرها، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داحرا حتى أثخن الله تعالى لنبيه بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله تعالى وهو راض عنكم [وبكم] قرير العين، فشدوا أيديكم بهذا الأمر، فإنكم أحق الناس وأولاهم به.
فأجابوه جميعا: أن قد وفقت في الرأي، وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت توليتك هذا الأمر، فأنت مقنع ولصالح المؤمنين رضا (6). قال فأتى الخبر إلى أبي بكر رضي الله عنه، ففزع أشد الفزع، وقام معه عمر رضي الله عنهما،
مخ ۲۲