امامت او سیاست
الامامة والسياسة
كتابه العزيز: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا [الإسراء: 33]. قال:
فهل تعلم أن معاوية من أولياء عثمان؟قال: نعم[ (1) ]. قال عمرو للقوم: اشهدوا.
قال أبو موسى للقوم: اشهدوا على ما يقول عمرو.
ثم قال أبو موسى لعمرو: قم يا عمرو: فقل وصرح بما اجتمع عليه رأيي ورأيك، وما اتفقنا عليه، فقال عمرو: سبحان الله!أقوم قبلك[ (2) ]وقد قدمك الله قبلي في الإيمان والهجرة، وأنت وافد أهل اليمن إلى رسول الله، ووافد رسول الله إليهم، وبك هداهم الله، وعرفهم شرائع دينه، وسنة نبيه، وصاحب مغانم أبي بكر وعمر!ولكن قم أنت فقل، ثم أقوم فأقول. فقام أبو موسى[ (3) ]، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس. إن خير الناس للناس خيرهم لنفسه، وإني لا أهلك ديني بصلاح غيري، إن هذه الفتنة قد أكلت العرب، وإني رأيت وعمرا أن نخلع عليا ومعاوية، ونجعلها لعبد الله بن عمر[ (4) ]، فإنه لم يبسط في هذه الحرب يدا ولا لسانا، ثم قام عمرو فقال: أيها الناس، هذا أبو موسى شيخ المسلمين، وحكم أهل العراق ومن لا يبيع الدين بالدنيا، وقد خلع عليا وأنا أثبت معاوية. فقال أبو موسى: مالك؟عليك لعنة الله!ما أنت إلا كمثل الكلب تلهث!فقال عمرو: لكنك مثل الحمار يحمل أسفارا، واختلط الناس، فقالوا:
والله لو اجتمعنا على هذا ما حولتمانا عما نحن عليه، وما صلحكما بلازمنا، وإنا اليوم على ما كنا عليه أمس، ولقد كنا ننظر إلى هذا قبل أن يقع، وما أمات قولكما حقا، ولا أحيا باطلا. ثم تشاتم أبو موسى وعمرو، ثم انصرف عمرو إلى معاوية، ولحق أبو موسى بمكة، وانصرف القوم إلى علي، فقال عدي: أما والله [ (1) ]في الأخبار الطوال ص 199: أن أولى منه ابنه عمرو بن عثمان.
[ (2) ]كان عمرو بن العاص ومنذ اللقاء الأول بأبي موسى قد قدمه إن في الكلام أو الجلوس وكرمه كثيرا، وقد عوده أن يقدمه في كل شيء وقد اغتره بذلك ليقدمه فيبدأ بخلع علي، وكان عمرو قد حاك خدعته بدقة وأحاط بأبي موسى من كل جانب، والرجل غافل لا يدري كيف تجري الأمور، وما يخطط عمرو وما يرسم في ذهنه حتى أن معاوية نفسه شكك بنية عمرو واسترابه.
[ (3) ]عند ما قام أبو موسى ليتكلم، قال له ابن عباس يحذره، ويحك إني لأظنه قد خدعك إن كنتما اتفقتما على أمر فقدمه قبلك فيتكلم بذلك الأمر قبلك ثم تتكلم أنت بعده، فإن عمرا رجل غدار، ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه، فإذا قمت به في الناس خالفك. فقال له أبو موسى: إنا قد اتفقنا (وقعة صفين لابن مزاحم ص 545-الطبري 5/70) .
[ (4) ]في بعض الروايات: شورى بين المسلمين (انظر الحاشية رقم 2 في الصفحة السابقة) .
مخ ۱۵۷