الوجه الرابع: أنا نعفيه من الإجماع، ونطالبه أن ينقل ذلك بإسناد واحد صحيح. وهذا الإسناد الذي ذكره الثعلبي إسناده ضعيف، فيه رجال متهمون. وأما نقل ابن المغازلي الواسطي(¬1) فأضعف وأضعف، فإن هذا قد جمع في كتابه من الأحاديث الموضوعات ما لا يخفي أنه كذب على من له أدنى معرفة بالحديث، والمطالبة بإسناد يتناول هذا وهذا.
الوجه الخامس: أن يقال: لو كان المراد بالآية أن يؤتي الزكاة حال ركوعه، كما يزعمون أن عليا تصدق بخاتمه في الصلاة، لوجب أن يكون ذلك شرطا في الموالاة، وأن لا يتولى المسلمون إلا عليا وحده، فلا يتولى الحسن ولا الحسين ولا سائر بني هاشم. وهذا خلاف إجماع المسلمين.
الوجه السادس: أن قوله: "الذين" صيغة جمع، فلا يصدق على علي وحده.
الوجه السابع: أن الله تعالى لا يثني على الإنسان إلا بما هو محمود عنده: إما واجب، وإما مستحب. والصدقة والعتق والهدية والهبة والإجارة والنكاح والطلاق، وغير ذلك من العقود في الصلاة، ليست واجبة ولا مستحبة باتفاق المسلمين، بل كثير منهم يقول: إن ذلك يبطل الصلاة وإن لم يتكلم، بل تبطل بالإشارة المفهمة. وآخرون يقولون: لا يحصل الملك بها لعدم الإيجاب الشرعي. ولو كان هذا مستحبا، لكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ويحض عليه أصحابه، ولكان علي يفعله في غير هذه الواقعة.
فلما لم يكن شيء من ذلك، علم أن التصدق في الصلاة ليس من الأعمال الصالحة، وإعطاء السائل لا يفوت، فيمكن المتصدق إذا سلم أن يعطيه، وإن في الصلاة لشغلا.
الوجه الثامن: أنه لو قدر أن هذا مشروع في الصلاة، لم يختص بالركوع، بل يكون في القيام والقعود أولى منه في الركوع، فكيف يقال: لا ولي لكم إلا الذين يتصدقون في كل الركوع. فلو تصدق المتصدق في حال القيام والقعود: أما كان يستحق هذه الموالاة ؟
فإن قيل: هذه أراد بها التعريف بعلي على خصوصه.
قيل له: أوصاف علي التي يعرف بها كثيرة ظاهرة، فكيف يترك تعريفه بالأمور المعروفة، ويعرفه بأمر لا يعرفه إلا من سمع هذا وصدقه؟.
مخ ۲۱