الأمين صلى الله عليه وآله وسلم وإلا بقي ذلك النظام الكافل للسعادتين بلا تنفيذ ، فلا تتم الفوائد من تلك الجهود التي قاساها صاحب الرسالة.
فلما كانت الامامة على الامة واجبة بحكم الضرورة ، فمن الأليق بتلك الوظيفة الكبرى؟ أترى الأليق بها من هو كصاحب الرسالة وصورة حاكية له في العلم والعمل ، ومهدي في نفسه هاد لغيره ، يقوم بالحجة فيقطع الحجج ، لا يعتري برهانه وهن ، ولا حجته فلل ، إن طلب الناس منه المعجز في الفعل والقول استطاع الإتيان به من غير مطل وعناء ، وإن احتيج لقطع العذر من المسترشد أو المتعند على المجيء بالكرامة الباهرة قوي عليها من دون كد وجهد ، يعلم كل ما جاء به صاحب الشريعة عاملا به ، يعرف القرآن تنزيله وتأويله ، مرتديا بجميل الخصال لا تفر عنه منها واحدة ، بل هو أفضل في كل خصلة من الناس كافة ، عاريا عن ذميم الصفات لا يرتدي منها واحدة ولو لحظة ، وجملة القول أنه المثال الصادق للرسول في جميع ملكاته وصفاته وخصاله وفعاله.
أو الأليق بها من لا يعرف هذه الخلال ولا تعرفه ، أو يتقمص ببعض ويتعرى عن بعض ، لا ريب في أنك سوف تقول : إن الأول أليق وأحق بهذا المنصب الرفيع ، وهل يقدم بصير على القول بأحقية الثاني.
ولكني أحسبك تقول : إن الشأن كله في إثبات أمرين في هذا الباب الأول وجوب نصب إمام على هاتيك السجايا والمزايا ، الثاني وجوده جامعا لهذه الخلال والخصال في الامة الاسلامية ، ولو ثبت لدينا أن الامام يجب أن يجمع هذه الصفات ، وأنه يوجد في الامة ذلك الجامع ، لكان التخلف عن القول بإمامته ، لأوامره عنادا محضا لا يرتضيه ذو دين وبصيرة.
فأقول : إني سأثبت لك هذين الأمرين ، راجيا أن تكون ممن ألقى السمع
مخ ۶۷